You are here

قراءة كتاب الحدود البرية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الحدود البرية

الحدود البرية

في رواية "الحدود البرية"، تتميز قصص ميسلون هادي بالقدرة على التكثيف، ولا يمكن لقارئها أن يحس بالخوض في عالم فضفاض. والأبطال في هذه القصص..

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 1
خالد
 
قالت الطفلة :
 
- الدنيا كلها طيور ميتة····
 
لم تنتبه الأم في البداية إلى ما قالته ابنتها فجرتها من يدها لترفعها إلى براد الماء، ولكن الطفلة تمردت على يدي أمها وأشارت بإصبعها إلى مكان مجاور للبراد· لم تنتبه الأم للمرة الثانية، لأنها كانت تنظر إلى فوق·· إلى شيء ما لفت نظرها فوق سطح قريب، فاضطرت الطفلة الى أن تمسك برأس أمها الشارد منها إلى السطح وتديره بيديها الصغيرتين إلى حيث تريدها أن تنظر :
 
- ماما·· شوفي·· الدنيا كلها طيور ميتة !
 
تقدمت الأم إلى حيث أشارت ابنتها فوجدت الباحة الخلفية لكراج العلاوي، والتي تجاور براد الماء وتنخفض عنه بارتفاع دكة صغيرة، مغطاة بمجموعة هائلة من ذيول الطيور وأجنحتها المجزورة وأرجلها المقطوعة وريشها المتطاير المبعثر في كل مكان وهو ملوث بالدم والتراب· وكان المشهد يبدو، ولشدة غرابته، كأنه جزء من مجزرة حدثت قبل قليل في هذا المكان، فقالت الأم بذهول :
 
- لابد أنه هر·
 
ثم قادت الطفلة من يدها مرة أخرى إلى امام البراد، بينما ظل خالد، الذي كان يقف خلفهما، يراقب آثار تلك المذبحة بلا مبالاة تقريباً وكأنه يريد الالتفات إلى شيء ينشغل به بدون أن يكون عابئاً بهذا الشيء الذي يلتفت إليه فعلاً· كانت الطفلة ترتدي شورتاً من الجنيز وفانيلة ملونة، ويدها مصفوفة بالأسورة، وشعرها معقوص إلى الخلف بقرّاصة على شكل قُبّعة· اقترب خالد مره أخرى من برّاد الماء ذي الحنفيتين المتباعدتين، فرأى الأم وهي تضع قنينة مياه معدنية فارغة في فم الحنفية· وعندما انتهت من ملئها دعته لشرب الماء لأنها على ما يبدو اعتقدت عندما وجدته واقفاً ينتظر، أن الحنفية الأخرى عاطلة عن العمل·
 
انحنى خالد قليلاً على حنفية الماء، ولكن الطفلة نبّت قائلة على الفور :
 
- ماما·· لازلت عطشانة·
 
قالت الأم بضيق :
 
- ألم تشربي للتو ؟
 
- لا أزال عطشانة·
 
تنحّى خالد عن البراد فرفعت الأم طفلتها مرة أخرى إلى فم الحنفية وهي تنظر إلى الرجل الواقف بقربها بابتسامة محرجة فيها طلب لتفهُّم شطط الأطفال وعبثهم· كانت الطفلة لا تزال ملتفتة إلى مكان أخر، وقبل ان تضع فمها تحت الحنفية، أدارت رأسها بزاوية قائمة نحو فتاة كانت تمر بالقرب من البراد، و ظلت ملتفتة إليها لعدة لحظات· قالت الأم :
 
- هيا يا ماما·· أخرّت الرجل·
 
قالت الصغيرة وهي تواصل التفاتها إلى الفتاة :
 
- ماما·· هاي البنية تنورتها تراري(1)·

Pages