You are here

قراءة كتاب المخفي أعظم - قراءات ورؤى

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المخفي أعظم - قراءات ورؤى

المخفي أعظم - قراءات ورؤى

كتاب "المخفي أعظم- قراءات ورؤى"، كتاب نقدي للكاتب الأردني هاشم غرايبة، الصادر عام 2002 عن المؤسسسة العربية للدراسات والنشر، نقرأ من أجوائه:

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 8
هكذا هو الأمر بالنسبة لي
 
أدّعي بأن معلمي الأول فنان ماهر، نقلني دون مقدمات إلى عالم شاسع مليء بالطير والجنّ والحيوان والشجر والجبل والرمل والغيلان والملائكة والشياطين والنّاس والحجر والنّار والغنم والأراضي السبعة والسموات السبعة والسنوات السبعة والشهور السبعة، إنه عالم مكثف، كثيفٌ بالقرى والمدن والبحار والجزر، والقفار والأنهار، عالم مكتظ بالبدو والحضر والثوار والملوك والغجر والسّادة والقطط والأحذية والأرانب والجزر والعصي والحمير·
 
ليس مهماً أن يكون جدي قال ذلك حقاً! قال لي : كل الأشياء لها أرواح وأقوال وأفعال وروائح وظلال، تتمازج وتفترق متجلّية عبر الخارق والمفارق لتعلّم الانسان سُنّة الحياة، وليته يتعلم·
 
الإنسان وحده يدرك النهاية لأن له (العقل) وبهذا اكتسب مجده ومآساته معاً، الانسان وحده ينعم ويشقى بالعقل، لذا فهو متكبر مخيفٌ·
 
يا بني: الانسان هو غايتك وخصمك فاستعن عليه بروح الأشياء وخبرة الكائنات
 
كانت كلمة (الخبرة) عنده لا (الحكمة) هي المنطلق في الحكم على الأشياء، وكان يقول : الخبرة تساعدك على تقشير الرّاهن لترى تبدلات الكامن وتراهن على شكل الغد· أما (الحكمة) فكان يرى فيها مصطلحاً يعبّر عن سذاجة وغرور الجنس البشري، فيقول: إن الحاضر يُلقّح الماضي ليعيد انتاج (الخبرة) بشكل يلائم (الآن، هنا)، (غداً، هناك)، أما مصطلح الحكمة فيوحي بالفراغ، حيث لا زمان ولا مكان، حيث لا أكون ولم أكن ولن أكون! ثم يضحك بصخب طالباً مني أن أحضر مصباح علاء الدين· كان ضوء الشعلة يرقص خلف زجاج النافذة، أفتح النافذة فيختفي السراج، لما أمسكت السراج وظهرت معه في عمق النافذة الزجاجية المعتمة، مسح على رأسي وقال: ستنال ما تريد· وها أنذا أفعل : ما لا أحققه على أرض الواقع أمتح صورته من عتمة النافذة إلى بياض الورق فيصير واقعاً·
 
بدأت استهلال قصتي على الشكل التالي :
 
(القمر بدرٌ مكتمل)
 
لم يلتفت معلمي إلي، ولما (ألحيت) عليه، أخرج لسانه ساخراً·
 
غيّرت الاستهلال :
 
(القمر كان بدراً مكتملاً قبل يومين)
 
رحلت سحب السخرية، وامتلأت عينا جدّي بالفضول:
 
(قبل يومين؟ هل حدثت معجزة واستمرّ البدر مكتملاً يومين آخرين؟ هل كان مكتملاً ونقص؟ ماذا تريد أن تقول؟!)

Pages