You are here

$7.99
وقت للعبث

وقت للعبث

5
Average: 5 (1 vote)

تاريخ النشر:

2013
مكتبتكم متوفرة أيضا للقراءة على حاسوبكم الشخصي في قسم "مكتبتي".
الرجاء حمل التطبيق المجاني الملائم لجهازك من القائمة التالية قبل تحميل الكتاب:
Iphone, Ipad, Ipod
Devices that use android operating system

Overview

رواية "وقت للعبث" للكاتب الإسباني خافيير مارياس، والتي ترجمها إلى العربية الكاتب والمترجم علي ابراهيم الأشقر، نقرأ من أجوائها:
ما زلت لا اجرؤ على رفع صوت التلفاز بسبب هذا الصمت، وبسبب ردّ فعل محال: فقد جاءتني فكرة مباغتة في ألا أمسّ جهاز التحكم ولا أي شيء آخر لئلا أترك آثاراً من بصماتي في أي مكان، في حين كنت خلفتها في كل مكان، وفوق ذلك لن يبحث عنها أحد. موت أحد بينما يظل الآخر حيّاً يجعل هذا الأخير يحس بأنه مجرم للحظة واحدة، لكن ليس هذا فحسب: لأنّ بقائي ومارتا ميتة في ذلك المكان أصبح فجأة غير مسوّغ، أو مسوّغاً قليلاً جداً، حتى لو عمدنا إلى الكذب، فأنا هنا غير معروف تقريباً، والآن نعم، أحسست بأن الوقت فجر في المخدع الذي ربما صار غير مخدعها لأنها صارت غير موجودة، وإنما هو مخدع زوجها فقط، وفي بيت دُعيت إلى دخوله بالضرورة أثناء غياب هذا الزوج. لكن، من عساه يثبت الآن أني دُعيت إليه، فليس لديّ من يشهد لي على ذلك. نهضت بقفزة واحدة، وهبّت عليّ حينئذ رياح العجلة، عجلة ذهنية أكثر مما هي فيزيقية، لم تكن كبيرة حتى توجب صنع الأشياء التي قد أكون فكرت فيها، كأن أشغل ما كان قد خُمد كل الليل جراء الخمر والترقب والقبلات والحياء والسهد والذهول والذعر، ولا أدري إن كانت بهذا الترتيب، والآن جرّاء الألم أيضاً. «لا يعرف أحد أني هنا، أنّي كنت هنا»، فكرت مصحّحاً زمن الفعل لأني رأيت نفسي في الخارج، خارج الحجرة والبيت والبناء وحتى الشارع، رأيت نفسي أستقلّ سيارة أجرة بعد عبوري شارع الملكة فيكتوريا، أو في الشارع نفسه، ففيه تمر سيارات أجرة وإن تأخر الوقت، تمر في القسم الأخير من شارع عريض قديم يتاخم الشاليهات وأشجار الجامعة. «لا يعرف أحد أني كنت هنا، وليس لديه سبب كيما يعرف»، قلت لنفسي، «وبالتالي لا ينبغي لي أن أُعْلِم أحداً، أو أهرع مذعوراً إلى مشفى (النور) لكي أرجّ الممرضة التي تنام وساقاها متصالبتان وقد فكهما الآن الإهمال ولن أكون من ينتزعها من نومها العارض الشحيح، لن أكون من يجعل الطالب المهموم ذا النظارة ينسى بغتة وبسرعة كل ما استذكره خلال الليل، ولن أكون من يقطع وداع عاشقين مرتويين يقفان عند باب من سيبقى، ويرغبان في آن واحد في أن ينفصلا عن بعضهما، ربما في هذا الطابق ذاته؛ إذ لا ينبغي لأحد أن يعلم ولن يعلم أن مارتا تيّيث ماتت، ولن أهتف إلى الشرطة باسم مجهول، ولن أضغط على أجراس الجيران مفصحاً عن وجهي ولن أجري لشراء شهادة وفاة من الصيدلية المناوبة، ولسوف تظل حية هذه الليلة في نظر كل من يعرفها، بينا هم يرقدون أو يعانون الأرق هنا أو في لندن أو في أي مكان آخر؛ ولن يعرف أحد التغير أو التحول اللاإنساني، لن أصنع شيئاً ولن أكلم أحداً، ولا ينبغي لي أن أكون من يذيع النبأ. ولو ظلت هي على قيد الحياة لما علم أحد اليوم ولا غداً وربما أبداً، أني كنت هنا، هي كانت ستُخفي الأمر، وهكذا ينبغي لها أن تصنع وسيظل الأمر مخفيّاً بل أكثر من مخفيّ بموتها.