أنت هنا

$5.99
بابنوس

بابنوس

المؤلف:

0
لا توجد اصوات

تاريخ النشر:

2013

isbn:

978-614-02-1060-8
مكتبتكم متوفرة أيضا للقراءة على حاسوبكم الشخصي في قسم "مكتبتي".
الرجاء حمل التطبيق المجاني الملائم لجهازك من القائمة التالية قبل تحميل الكتاب:
Iphone, Ipad, Ipod
Devices that use android operating system

نظرة عامة

كتاب " بابنوس " ، تأليف سميحة خريس ، والذي صدر عن منشورات ضفاف .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

لكل مخلوق أم وأب، وخالق. لا شيء يُبعث من فراغ، حتى الفكرة في رأسي الأبيض المكلل بالشيب، تولد من أم تلدها. لسنا آلهة منقطعة عن جذورها، ولكن الرياح تذرونا بعيداً عنها غالباً، وتجذرنا في أماكن غريبة، تصير لنا أباً وأماً ووطناً.

مثلما شجرة الأبنوسة قوية مخاتلة، أبوها اللقاح؛ يسري دم أمها الشمس الحارة الساطعة في عروقها الخشبية. تنمو على ما نريق من ماء محبتنا فوق التراب، تزهو بأنفاسنا، وتزهر باللمس، تعطي والفأس تضرب جذعها، فإذا ماتت؛ بيعت منحوتة عبقرية للخواجات.

حينها أيضاً لا بد لها من أب وأم جديدين؛ نحات وإزميل.

نظام كوني شامل، إلا أني كثيراً ما أشعر -من دون منطق- أني خارجه.

يسمّونني "الحكّامة"، ويناديني الصغار الشُّفَّع بما ينادون به جداتهم: "حبوبة". فبياض ذوائبـي وثقل السنوات التي سبقتني وتبعتني يخولانني لأكون جدة الجميع، وإن فشل سكان الحِلة في تحديد عمري بالأرقام. أيضاً؛ لا تستطيع ذاكرتي الدقيقة، المفصلة، ولا حكمتي التي وهبني إياها القدير وربيتها على الخبرات ومرور الزمن أن تحدد عمري، كما لو أني ولدت هكذا منذ البدء؛ بشرية كهلة ضربت التجاعيد وجهها، شعر أبيض خشن أكرت مكوم فوق الرأس كما العمامة، وجسد نحيل بعصب شديد، لم تذهب أعباء الحياة ولا الوقت الذي يسرق العمر بقوته وبأسه.

لا التباس في كوني امرأة، ولست في عداد الإناث، فأنا حكّامة[1]؛ والحكّامة عادة مخلوق مغاير، فوق البشري، أعلى من المرأة قليلاً، تصطف قريباً من موقع الذكورة ولكنها تتجاوزه، وهي بعد كل تلك المواصفات، ليست ملاكاً، ولا خنثى، تجمع في كفيها فراشات ملونات، وتفيض على محيطها أمومة لا حدود لها، تحل الإشكالات العالقة بحسم الرجل وحكمة الأنثى، من دون سلطة غاشمة أو ثراء خادع فإن كلمتي غير قابلة للمراجعة أو المحاججة.

عرف أبـي ما سيكون من شأني منذ مولدي، قال إني جئت الحياة بعينين مفتوحتين ونظرة جسورة، فأسماني: "الرسالة". هيأني لدوري، أو فَرض علَيّ الدور؛ سيان، فها أنا ذا حكّامة. اسمي رائج في جبل مَرَّة، قلب دارفور الأخضر، حيث تسمّى البنات في بلدة الفاشر وسواها من نواحي دارفور الشاسعة باسم "الرسالة"، وقد لا يكنّ أهلاً له. لكن الاسم لبسني وبت جديرة به، ثم نسيه الناس واستبدلوا صفتي ومهامي الجسيمة به.