أنت هنا

$0.99
SMS
اشتري برسالة قصيرة من (مصر, العراق , الاردن )
في آفاق الصيام أحكام وآداب ومعان

في آفاق الصيام أحكام وآداب ومعان

0
لا توجد اصوات

الموضوع:

تاريخ النشر:

2013

isbn:

978-9933-10-493-1
مكتبتكم متوفرة أيضا للقراءة على حاسوبكم الشخصي في قسم "مكتبتي".
الرجاء حمل التطبيق المجاني الملائم لجهازك من القائمة التالية قبل تحميل الكتاب:
Iphone, Ipad, Ipod
Devices that use android operating system

$0.99
SMS
اشتري برسالة قصيرة من (مصر, العراق , الاردن )

how-to-buy.png

نظرة عامة

كتاب " في آفاق الصيام أحكام وآداب ومعان " ، تأليف الشيخ عبد الكريم تتان ، والذي صدر عن دار الفكر للطباعة والتوزيع والنشر عام 2013 .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد الذي بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح للأمة، وبعد:

إن من العبادات التي أكرمنا الله_ز بها الصومَ، وإذا أردنا أن نقطف ثمراته يانعات، وأن يترك فينا بصماته بينات، لا بد لنا من أن نحيط بجملة من الاستعدادات لاستقباله، والاحتفاء بقدوم شهره، ونسوق - قبل تحديد ما به نتهيأ لهذا الشهر الكريم - جملة من الأقوال الكاشفة عن عمق هذه العبادة، لعلنا نحيي بها حقيقة الصيام في أنفسنا، ونحقق جوهره في سلوكنا.

بداية: الصوم لله . وما كان الصوم لله إلا على معان، منها أنه لا يتقرب بالصوم إلا إليه، فيتميز الصوم من بين العبادات بأنه لا يتقرب به إلا إلى الله، وما عرفت البشرية عبادة الصيام يتقرب بها لغير الله سبحانه وتعالى، حيث إنه ترك للمفطرات، فهو بخلاف العبادات الأخرى، كالصلاة والحج إذ هي أقوال وأفعال...

- من مقتضيات الكلمة الطيبة ألا يتوجه المسلم بالعبادة إلا إلى الله، ولا يتلقى منهج حياته الشامل إلا من رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهنا يأتي الصوم بأثره الروحي الملموس فيرقى بالمكلف إلى حيث يحقق تصعيداً إيمانياً فذّاً، وينشئ نشاطاً روحياً عالياً، ويحدث سلوكاً إنسانياً راقياً، وفيه يصحح الإنسان مساره في الحياة، وعلاقته بقضايا الإيمان وحقائقه، ويضعه في مرقب المراقبة، حيث يسقي بؤرة الحضور، وشجرة التقوى، فتزهر وتثمر. والحضور لب التقوى، وما نقوله ليس سبحاً في الأماني، إنما هو واقع يعيشه المسلمون في هذا الشهر المبارك.

وقد دلنا التاريخ لمن تحرى فيه معاركه الفاصلة أنها وقعت في شهر رمضان، حيث حقق المسلم فيه انتصاره على نفسه، فألزمها منهج الله، نصرة للمنهج، فتحقق له نصر الله_ز. وما بدرٌ، ولا فتح مكة، ولا عين جالوت، إلا من الشواهد الناطقة في مسمع الزمان بهذا!

وكذلك يمكن للمسلم بما يثمره الصوم في قلبه من صفاء، وفي روحه من سمو وارتقاء، وفي سلوكه من سداد، وبما يطلقه في حياته من شوق إلى الإقبال المتنوع على الله_ز تلاوة لكلامه، وقياماً لليله راكعاً ساجداً، وكفاً عما به قوام البدن طاعة لله، واعتكافاً على باب الله في بيت من بيوته، وبسطاً لليد بالعطاء، حيث الصيام كف النفس عن المفطرات من جهة، وإطلاق لليد بالسخاء من جهة أخرى،... أقول: يمكنه بهذا وغيره من ميادين رمضان أن يحقق حسن التلقي عن الله منهج حياته، فهماً وتطبيقاً ودعوة!

أجل يدخل رمضان، وهو الشهر المختار لنزول القرآن، ويدخل المسلم في فريضة الصيام، ولعل الحكمة من كون الشهر الذي اختير ظرفاً لنزول الوحي، وظرفاً لأداء فريضة الصيام، تتجلى في أن هذا الشهر بصيامه يضفي أجواء صافية في عالم النفس، وأنواراً قرآنية في ميادين القلب، فيصبح القلب قادراً على استيعاب المنهج، ثم يشيع هذا الجو الندي على سائر شهور السنة، فتضيء بإضاءاته، وتكتسب من خبراته الكثير الكثير...

فاصطفاء رمضان من بين الشهور، ليكون متنزلاً للمنهج، ووعاء زمانياً لفريضة الصيام، ليشيع صفاؤه في كل خلايا الزمان اللاحق. ولهذا، ليس غريباً أن يقبل المسلمون قاطبة في هذا الشهر على كتاب الله_ز تلاوة ومدارسة، ومراجعات التالي لأحواله على هديه وبصائره، إذ كان الشهر وعاء لبدء النزول. أجل! يسعد المسلمون فيه بالقرآن تلاوة وتهجداً وصلاة تراويح.

يقول أديب العربية مصطفى صادق الرافعي: شهر هو أيام قلبية في الزمن، متى أشرقت على الدنيا، قال الزمن لأهله: هذه أيام من أنفسكم، لا من أيامي، ومن طبيعتكم، لا من طبيعتي، فيقبل العالم كله على حالة نفسية بالغة السمو، يتعهد فيها النفس برياضتها على معالي الأمور، ومكارم الأخلاق... هذا على الحقيقة ليس شهراً من الأشهر، بل هو فصل نفساني، كفصول الأرض في سبحها ودورانها، وهو أشبه بفصل الشتاء، في حلوله على الدنيا، بالجو الذي من طبيعته السحب والغيث، ومن عمله إمداد الحياة بوسائل لها ما بعدها إلى آخر السنة، ومن رياضته أن يكسبها الصلابة والانكماش والخفة، ومن غايته إمداد الأرض لتتفتح عن جمال باطنها في الربيع الذي يتلوه..

ثم يتناول بأسلوبه الراقي مجموعة من المعاني والحقائق والآثار التي يحفرها الصوم في النفوس والسلوك.. ففي ميدان الإرادة ودور الصيام في تربيتها، وشد أزرها، يقول: «يدرب الصائم على أن يمتنع باختياره عن شهواته، مصراً على الامتناع، متهيئاً له بعزيمته، صابراً عليه بأخلاق الصبر... إدراك هذه القوة من الإرادة منزلة اجتماعية سامية، هي في الإنسانية فوق منزلة الذكاء والعلم...».

ويلمس الجانب الصحي في فريضة الصوم بقوله: «كأن أيام هذا الشهر المبارك، إن هي إلا ثلاثون حبة، تؤخذ في كل سنة مرة، تقوية للمعدة، وتصفية للدم، وحياكة لأنسجة الجسم..»، ويتناول دور البطون في الحياة، فيقول: «... فمن البطن نكبة الإنسانية، وهو- أي البطن - العقل العملي على الأرض، وإذا اختلف البطن والدماغ في ضرورة، مد البطن مده من قوى الهضم، فلم يُبق ولم يذر!!..». هذا رصد للبطن حين يتحكم في صاحبه. ثم يعرج على دور الصوم في معالجة مشكلة البطن، فيقول: «... أية معجزة إصلاحية أعجب من هذه المعجزة الإسلامية التي تقضي أن يحذف من الإنسانية كلها تاريخ البطن ثلاثين يوماً في كل سنة، يعمل في محله تاريخ النفس ويكشف عن ميادين الصوم في حياة الإنسان»، فيقول: «... يتناول الصوم البطن بالتهذيب والتأديب والتدريب».

ثم يقول:.. ويضع الصوم الإنسانية كلها في حالة نفسية واحدة، تتلبس بها النفس في مشارق الأرض ومغاربها، ويطلق في هذه الإنسانية كلها صوت الروح فيعلم الرحمة، ويدعو إليها، ويحرص على قيام المسلم بهذه الفريضة على وجهها الصحيح، ليقطف ثمارها يانعة في الدنيا قبل الآخرة، فنراه ينعى على المسلمين تقصيرهم في إدراك أبعاد الصيام ومتطلباته، وتبديلهم لسلوكيات الصائم كما جاء بها شرع الله_ز، ومما قاله - يفضح به طرائق بعض المسلمين في التعامل مع الصوم -:

«... أفسد ضعف النفوس هذا المعنى، فما يحقق الناس تاريخ البطن كما يحققونه في شهر رمضان،... وهم يعوضون البطن في الليل ما منعوه في النهار... حتى جعلوا الصوم تغييراً لمواعيد الأكل!!!».