أنت هنا

قراءة كتاب الجيش العراقي بين خطورة السياسة وشح السلاح (1958-1921)

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الجيش العراقي بين خطورة السياسة وشح السلاح (1958-1921)

الجيش العراقي بين خطورة السياسة وشح السلاح (1958-1921)

كتاب " الجيش العراقي بين خطورة السياسة وشح السلاح (1958-1921) " ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 3

وقد يكون ما رسمتهُ الإدارة البريطانية للعراق في قادم الزمن بين (1945_ 1948) وهي فترة التحضير لإعلان دولة إسرائيل، هو أن على رئاسة أركان الجيش العراقي الاعتماد على الضباط الشباب ممّن تخرج من المدارس العسكرية البريطانية، وليس على ضباط الجيش العثماني، وكان هو سر المشاحنات بين الجنرال رنتون ووزير الدفاع "تحسين علي" والجنرال صالح صائب الجبوري رئيس أركان الجيش، واتخذت مبّرراً لعدم شحن الأسلحة للجيش، رغم توريدهُ إلى الجيوش التركية والإيرانية والمصرية. وشكلت بذلك ضغطاً شعبياً على الوصي عبد الإله، ونوري السعيد في موالاتهم لبريطانيا على حساب مصالح شعبهم. وقد تيقن الاثنان أن عناصر شيوعية تروّج داخل الجيش فكرة الإطاحة بالحكم الملكي تحت واجهة عصبة مكافحة الصهيونية. أما سببها فهو حالة التسييس الذي أرادتهُ بريطانيا لجيش العراق لتفتيت وحدته.

إن سر احتفاظ بريطانيا بقاعدتي الحبانية والشعيبه من خلال عقد معاهدة "بروتسموث" مع العراق عام 1948، ونقص السلاح والذخيرة في الجيش، وفساد السياسيين العراقيين قد فسرتها أحداث ضياع دولة فلسطين عام 1948، وعدم قدرة الجيوش العربية ومعها جيش العراق على عمل شيء لإحباط ما رسمته السياسة البريطانية العليا لإعطاء وطن قومي لليهود. ذلك قبل أن تنتبه بريطانيا إلى خطر أن يقوم الجيش العراقي (العائد) من فلسطين بانقلاب عسكري ضد رموز بريطانيا في العراق، كما فعل "حسني الزعيم" في سورية عام 1949. فأقنعت مدير الشرطة السيارة "علي الحجازي" القيام بتمرد "مقنّع" هدفهُ إرضاء الضباط القوميين في الجيش، وأن البلاد ترى فيهم الخيّمة الكبرى في الدفاع عن كرامة واستقلال البلاد. ولكن السياسة في الجيش قد أخذت بعدها، وتناحر البعض تحت طائلة التحرر من الإمبريالية، والأخذ بالشيوعية لمناصرة الشعوب المغلوبة. (لبناء وطن حر وشعب سعيد!!).

لم تستوعب بريطانيا رياح التغيير القومي في سورية، ولبنان وحتى حركة محمد مصدق في إيران، على حرية الشعوب التواقة للتحرر من السطوة البريطانية ففي عام 1952 تحرك الجيش المصري وأطاح بالملك فاروق. وكان هو الدرس للتخلي عن حالة الخوف والتردد بين معظم ضباط الجيش العراقي على مواجهة النظام الحاكم وسياساته المشبوهة تجاه الشعب، عن طريق خلق بؤر تنظيمية للضباط الأحرار داخل الجيش، الأمر الذي قاد السفير البريطاني "تروتبك" إلى مفاتحه لندن بضرورة إنشاء سياج أمني يكون العراق ضمن المنظومة، ويتطلب تجهيز جيشه بالأسلحة الفعالة وليس القديمة لتأخير أي هجوم سوفيتي قادم، والمحافظة على أمن البلاد من أي تمرد قومي أو شيوعي كما فعل اللواء "نور الدين محمود" في أحداث تشرين الثاني عام 1952. وتساءل السفير مع لندن، كيف يمكن استخدام الجيش العراقي للقتال وهو دون سلاح فعال، والوصي عبد الإله يجد نفسهُ ضعيفاً أمام ضباط الجيش، والأحزاب القومية المعارضة ولأجل تخفيف الضغط الشعبي، والحديث عن ضرورة إسقاط الملكية بعد الذي حدث في مصر، فأن دول حلف بغداد عام 1955، تملك الأسلحة البريطانية ما ليس لهُ وجود في جيش العراق. إلا أن السلاح الذي استلمهُ الضباط القوميين أخيراً صار لهُ صدى في انقلاب تموز عام 1958.

إمبراطوريتان هما العثمانية والبريطانية، حكمتا شعوباً مختلفة في اللغات والعادات والديانات لزمن طويل. والإمبراطوريتان لا يجمعهما رابط، وهما مختلفان بالديانة.

تقدمت الأمبراطورية البريطانية على الأمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى، وبذلك انسلخت كل الولايات العربية من حكم الدولة العثمانية إلى حكم الدولة الإنجليزية. وأصبح الضباط العراقيون الذين تخرجوا من المدارس العسكرية العثمانية، يقاتلون في صفوف الجيش العثماني، وفي فترة لاحقة، خدموا في الجيش العربي لمقاتلة العثمانيين على أمل الحصول على استقلال بلدهم. تأثر هؤلاء الضباط بالنزعة القومية التركية، وعندما عاد هؤلاء إلى بلدهم وهو تحت الاحتلال البريطاني تضاعفت لديهم النزعة الوطنية والقومية لتأسيس حكومة وطنية وجيش وطني، وهم على استعداد لقبول الخبرة البريطانية في الإدارة والتنظيم.

وبمرور الوقت شعر الضباط العراقيون العائدون إلى بغداد، أن سلطات الدولة المحتلة لا تريد إنشاء دولة مستقلة، تدار من قبل العراقيين والجيش الذي أرادهُ وزير المستعمرات ونستون تشرشل في مؤتمر القاهرة عام 1921، حدد واجبهُ للمحافظة على الأمن الداخلي، وحماية خطوط مواصلات الإمبراطورية البريطانية. وتحت شعور النزعة القومية لضباط الجيش، وأرادت بريطانيا أن لا يكون الجيش أقوى من قوات الليفي الموالية تماماً لبريطانيا. وكلما ماطلت بريطانيا في تسليح الجيش وفق معاهدة عام 1930 تأجج الشعور القومي لدى الضباط. وتأثر بعضهم بأحزاب المعارضة القومية وليس في نيتهم ممارسة السياسية على دورهم المهني.

وتكمن أهمية الكتاب الذي بأيدينا الوصول إلى الحقائق العلمية من شتى المصادر المختلفة التي وضعت جيش العراق القومي في دائرة السياسة رغماً عنهُ، والضباط العائدون ـ خريجوا المدارس العثمانية ـ مدركون أن وجودهم هو للدفاع عن أمن البلاد وليس الدفاع عن فصيل سياسي بعينه. أو الدفاع عن المصالح البريطانية. وفي الجانب العملي، ولأسباب خفيه لم تفصح عنها بريطانيا في المراحل الأولى، أنها لا تريد تسليح الجيش العراقي بأسلحة نوعيّة ربما ترتد عليها في قادم الزمن. ولتحقيق ذلك، فقد كبلت بريطانيا يد السياسيين لتطوير العلاقات مع الدول الأخرى، وشحت على الجيش بالأسلحة عبر المماطلة والتسويف وقلة المال وفق معاهدة عام 1930.

وتكمن أهمية الكتاب، في أن الدولة المحتلة بريطانيا وبسبب النزعة القومية التي أبداها الضباط العراقيون للتخلص من الاحتلال البريطاني في الحرب العالمية الثانية ـ عام 1941 ـ تأكد لها أن الجيش المراد تسليحه بأسلحة بريطانية، هو مستعد لاستعمال تلك الأسلحة ضد مصالح بريطانيا. والسبيل لإجهاض دوره، جره إلى السياسية عبر انقلاب عسكري ترعاه هي يقود إلى تفككهُ وتناصر ضباطه القوميين وإفشال دوره في مقاتلة اليهود لاحقاً.

وهو المبرّر لأن لا يورّد السلاح له. كما هو المبرر لعدم الحاجة لجيش تعدادهُ (44.217) لا يجد الضباط الكرد فيه احترام وتقدير لكونهم من قومية أخرى.

فرضية الكتاب

الضباط العراقيون قبل ظهور الدولة عام 1921 هم من الموروث القومي العثماني عملوا على إثبات الذات العربية التي تدعو إلى الاستقلال، خصوصاً بعد أن شعروا أن بريطانيا باحتلالها العراق وكأنها أضافت أرضاً جديدة إلى مستعمراتها. النزعة القومية للضباط اعتبرتهُ بريطانيا معادياً لتوجهات السياسية البريطانية العليا في دول الشرق الأوسط، ومنها العراق ـ بلد النفط ـ ووعّدها بإسكان اليهود في فلسطين. فلا تسليح جدي للجيش العراقي ، والجدية فقد أن تنخر السياسية جسد ضباطه القوميين لأحباط وحدتهم.

اعتمد المؤلف على المنهج الوصفي التاريخي، حيث توافرت أعداد من البيانات العربية لمقارنتها مع البيانات الإنجليزية "المصنفة" التي أطلقت للدارسين بعد فترة طويلة من حجبها.

وسائل جمع المعلومات

اعتمد الباحث في جمع المعلومات على ما يلي:

أ. الدراسات والبحوث والمقالات التي كتبت من قبل كتاب مدنيين وعسكريين حول بناء ودور الجيش العراقي، وممارسات الدولة المحتلة (بريطانيا) في شحة تسليحه.

ب. مذكرات رجال السياسة الذين شاركوا في حكم العراق، والملابسات التي أوصلتهم إلى الافتراق والخلاف مع السفارة البريطانية في بغداد حول تسليح الجيش العراقي. والظروف التي أجبرت الضباط القوميين إلى ممارسة السياسة رغماً عنهم.

الصفحات