أنت هنا

$4.99
وداعا أيها السلاح

وداعا أيها السلاح

5
Average: 5 (4 votes)

الموضوع:

تاريخ النشر:

2010
مكتبتكم متوفرة أيضا للقراءة على حاسوبكم الشخصي في قسم "مكتبتي".
الرجاء حمل التطبيق المجاني الملائم لجهازك من القائمة التالية قبل تحميل الكتاب:
Iphone, Ipad, Ipod
Devices that use android operating system

نظرة عامة

تمثلت هذه الرواية في شخصية «الليوتنان فريدريك» الشاب الأمريكي، الذي يعمل في مجال الإسعاف والإنقاذ، والذي لم ينج من ويلات الحرب، مع أن مهمته كانت واضحة. دارت أحداث الرواية في إيطاليا، وتناولها الكاتب أسلوب السرد المباشر، حيث يروي البطل (فريدريك) الأحداث الدائرة في حواريات مطولة بينه وبين الشخوص التي شاركته الأحداث، والشخصية الأهم في حياته هي الممرضة كاترين، التي صحبته إلى النهاية المأساوية، مع أنها فارقته في أحداث خطيرة وجسيمة. ومع أن مهمته كانت إنسانية مدنية، إلا أنه أصيب وأشرف على الهلاك، ولكن إصابته هذه كانت سبباً في توطيد علاقته بكاترين، فهامَ بها واشتعلت في نفسه رغبة مضطرمة في الزواج بها، لقد اعتنت به عناية شديدة في المستشفى الأمريكي الذي أنشأته دولته عندما دخلت الحرب، منذ دخول المستشفى مروراً بالعملية الجراحية ثم مرحلة التماثل للشفاء وعملية التأهيل، إلى أن غادر المستشفى ليلحق بمهمته الإنسانية، لكن أين الإنسانية؟ فهذه الحرب ليست إنسانية، إنها حرب وحشية، كان قائداً لمجموعة قضي عليها قضاءً مبرماً، ومرة أخرى يفلت من الموت المحدق به، ويلقي نفسه في النهر لينجو من أيدي ضباط يقتلون عشوائياً ولا يرحمون، وينجو بعد مغامرة عنيفة وصراع من أجل الحياة، ومرة أخرى يعود إلى الحياة التي يتوق لها مودعاً هذه المرة السلاح والحياة العسكرية مهما كلفه ذلك من ثمن، لقد تمرد على هذه الحياة البائسة، إنها مليئة بالأخطار، تمرد على الحرب وعلى سلاحها بحثاً عن الأمن، كما هو شأن كل إنسان ناء بويلات الحرب، إنه يمثل كل من وقع تحت وطأتها ومرة أخرى يعود إلى كاترين، في رغبة أكيدة في العيش معها، لقد التقى بها، لكن الحرب ما زالت تلاحقه، وهو الآن مطلوب لأنه ودّع الحرب وودّع سلاحها، فما الحل؟ لم يكن أمامه إلا الهروب إلى سويسرا حيث المكان الذي ينشده، لقد هرب برفقة كاترين بمساعدة موظف البار الذي كان نزيلاً فيه، هرب في زورق عبر النهر حتى وصل سويسرا وهناك فتحت الحياة له ذراعيها؛ فقد استقبله أهلها بحفاوة، وعاش بينهم في أمان، في انتظار قدوم المولود الجديد ليكوِّن أسرة سعيدة. وحانت ساعة الميلاد والمخاض، فرح فريدريك، لكن هذه الفرحة لم تكتمل فقد دخلت كاترين في مخاض عسير، واضطر الطبيب إلى شق بطنها وإخراج الطفل ميتاً لتصاب كاترين بعد ذلك بنزيف داخلي تموت على إثره، في مشهد مأساوي حزين. اهتم الكاتب في هذه الرواية بأدق التفاصيل، وأسهب في مشاهد حياة بطله الأميركي، وأدخل مظاهر الحياة والطبيعة، فكانت تتفاعل في الرواية وتتحرك؛ فأنت تحس بحركتها حين يفصل الحديث عنها، وبث معرفته في الطبيعة والجغرافيا في روايته. أشار الكاتب في هذه الرواية إلى أن الحكومات كانت تجر الرجال إلى الحرب، تاركين أعمالهم، وبيوتهم، ووظائفهم، ومزارعهم للقتال، فكان ذلك سبباً في سقوط الكثير من الضحايا والقتلى، في خوف من انتشار الأوبئة الفتاكة نتيجة هذه الحرب، فكان بقدر حجم المأساة، في الوقت الذي لم تقدِّر فيه هذه الحكومات حجمها، والكارثة أنه لا مجال لرفض القتال؛ لأن مصير من يرفضها القتل؛ حيث يعتبر هذا عصياناً لأوامر الدولة، وفراراً من أداء الواجب تجاه الوطن. لقد انتظر الكاتب من هذه الحكومات أن تُعمل فكرها فيما تقوم به، وتستنتج أن المواطن ثروة عظيمة، ولكن أين يكون نفع هذه الثروة، أهو في الحرب أم في السلم؟ إلا أن هذا الاستنتاج جاء بطيئاً جداً، إن لم تكن قد توصلت إليه أصلاً، وهذا ما نلحظه في بعض الشخوص، التي كانت تمثل الفئة الرافضة للحرب مع تخوفها من القتل نتيجة رأيها هذا. إن النفس البشرية تميل إلى الراحة والدعة، والحرب ضد هذا الميل، فالجندي يحمل السلاح، بل هو مدجج بالأسلحة، يعاني شح الطعام، وقلة النوم، وبرد الشتاء وحر الصيف، يسمع صوت السلاح ودوي الانفجارات وأزيز الطائرات، ويشتم رائحة البارود، ويضطر إلى مثل هذه الحياة سنين عديدة، فإن لم يمت بالسلاح قتلاً، مات في اليوم ألف مرة. لا علاقة لهذه الفكرة بالشجاعة والجبن، فالموت لا يفرق بينهما. 
لقد عاش آرنست همنغواي في نفس الإنسان الجندي المحارب، وعرف وقع الحرب في نفسه، إن الإنسان يمل من رتابة الحياة المدنية المستقرة الهانئة، فكيف به لا يمل رتابة الحياة العسكرية المرعبة في الحرب، فجسّد هذه الفكرة في بطل قصته الذي ملّ رتابة الحياة العسكرية في الحرب، لقد أشرف على الهلاك مرتين، فتاقَ إلى حياة الهدوء والدعة، وكان فراره من الخدمة العسكرية إعلاناً للتمرد والعصيان، فإن وُجد في الشعوب المتناحرة الآلاف بل الملايين ممن يصرخون في وجوه المتعطشين للدماء، فلن يستطيعوا حينها أن يعدموا هذه الأعداد الهائلة، وستقف الحرب، فالإنسان هو المحرك الأصلي لها، عند ذلك سينال الإنسان الحياة المستقرة الهادئة الهانئة، ولن يضطر شاب مثل فريدريك للهروب من الخدمة العسكرية ويصبح مطارداً مطلوباً خائفاً حائراً، لا يعرف ما يفعل. هو يريد تمرداً جماعياً، عصياناً جماعياً، ووداعاً جماعياً هذا السلاح الفتاك الذي لا يرحم.

(ترجمة: جلال أسمر)