You are here

قراءة كتاب الأمير عبد الإله صورة قلمية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الأمير عبد الإله صورة قلمية

الأمير عبد الإله صورة قلمية

ي هذا الكتاب صورة قلميّة للأمير عبد الإله، الوصي على عرض العراق لمدة ناهزت عقدين من الزمن، حتى حدوث انقلاب الرابع عشر من تموز سنة 1958 في بغداد، كتب هذه الصورة القلميّة السكرتير الخاص في الديوان الملكي العراقي "عطا عبد الوهاب"، المعار من السلك الدبلوماسي إل

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 10
حدث بعد ذلك أن تقرر في بغداد قيام وفد رفيع المستوى بزيارة رسمية إلى الولايات المتحدة، وعُلم آنئذ أن ذلك الوفد سيجتمع أولاً بالرئيس آيزنهاور في واشنطن ثم يلتقي هناك بالملك سعود في عملية مصالحة بين الأسرتين نظّمها دالاس وزير الخارجية الأمريكية· ومرّ الوفد ببيروت، وكان برئاسة الأمير عبدالإله وعضوية توفيق السويدي وغازي الداغستاني وآخرين· كنا، أعضاء السفارة العراقية، في استقبال الوفد في المطار، وأخذ الأمير يصافح المستقبلين، فلما وصل أمامي دهش وقال مبتسماً : ( هاي إنته هنا ؟)أي: أأنت هنا؟· وعلى مائدة الغداء التي أقامها السفير للوفد في بيته كنت أجلس في الطرف الأقصى من المائدة وفق أصول القدم الوظيفي· كان السويدي على يمين الأمير، وأخذ يتحدث أثناء الغداء عن كتاب قرأه كان قد صدر حديثاً وهو عن هارون الرشيد بقلم الدكتور عبدالجبار الجومرد · وتحدث عن الكتاب بإعجاب وقال إن المؤلف قد أنصف ذلك الخليفة العباسي وأظهره كرجل دولة من الطراز الأول معتمداً على المراجع التأريخية، وقال السويدي أيضاً إنه بعد أن قرأ الكتاب طرح من ذهنه عدداً من التصورات عن هارون الرشيد مما علقت به عن حياته المترفة ونزواته في الحكم· كان الامير عبدالإله يصغي باهتمام، والكل يسمعون، ثم قال : الظاهر أن التاريخ مليء بالتحريف، وياحبذا لو يصدر أيضاً كتاب ينصف السلطان عبد الحميد، فهو أيضاً مظلوم· كنت وأنا أصغي أقول في نفسي إن سبب بعض المظالم التي تلاحق الحكام يعود إلى عدم تجنبهم لبعض الأمور الصغيرة وإن كانوا في عظائمها على سواء السبيل· وكان الصمت سائداً· فقلت من طرف المائدة الأقصى: لهذا على الحاكم أن يتجنب الحبَّة لكي لايجعلها عليه الناس قُبَّة · فلم يعلق أحد، والأمير ينظر إلي من بعيد نظرة غامضة ، والسفير إلى جانبي يبدو عليه التذمر· ماأن انتهى الغداء فنهضنا حتى ناداني الامير وأنتحى بي جانباً في الشرفة المطلة على البحر، وفي ظني أن تذمر السفير سيكون بمكانه· لكن الأمير قال لي فوراً: أنا أتفق معك، ثم أخذ يسألني عن أحوالي متبسطاً في أحاديث أخرى· وعندما تركت الشرفة كان السفير في الصالة ينتظر على مضض، وانفرجت أسارير وجهه حين أعلمته بما جرى ·
 
بعد سنتين من خدمتي في بيروت استدعاني السفير ذات يوم إلى مكتبه وناولني رسالة وهو يكبت غبطته قائلاً : إقرأ· كانت الرسالة موجهة إليه من رئيس الديوان الملكي عبدالله بكر وفيها يستأذنه بأن يوافق على إعفائي من عملي في السفارة وإعارتي من الخارجية إلى الديوان الملكي بوظيفة سكرتير خاص لصاحب الجلالة الملك وسمو الأمير، ويقول في الرسالة ايضاً إن هذه هي رغبة الملك وسمو الأمير معاً، وإنها ليست أمراً بل اقتراح متروك لعطا· شعرت وأنا أقرأ الرسالة أن الأرض تميد بي حيرةً ، ولاحظ السفير تجهمي فبادرني يقول بقطعية: متى تنفك ؟ قلت : هذا الاقتراح يحتاج إلى تفكير· فقاطعني: أمثل هذا يحتاج إلى تفكير ؟ وقالها بانفعال، ولكنه على عادته معنا دائماً ترك المسألة لي ورجاني أن أسرع في البت فيها لكي يجيب على رسالة البلاط ·
 
لم أسرع في البت فيها· وكانت الحيرة مستولية عليّ : أول مافعلته أن حملت الرسالة إلى زملائي في بيت أحدهم وقلت لهم : أفتوني فأنا حائر· وبعد تقليب الأمر على وجوهه المختلفة أنعقد إجماع أولئك المقربين إلى قلبي وعقلي: سرية وسعيد وعبدالحسين ونزار، على أن عليّ أن أوافق لأن وجودي قريباً من مركز القرار قد يكون نافعاً ، وأن عملي هناك لن يضيرني بشيء في كل الأحوال· ولكن الحيرة مستولية عليّ· فكتبت إلى أخي زكي وأرفقت له رسالة الديوان وعبرت له عن حيرتي ورجوته أن يجمع عنده أصدقائي المشتركين الموجودين في بغداد ليستشيرهم· كان زكي مثلي الأعلى في نزاهة الفكر ونظافة اليد وحساسية الضمير ورفعة الخلق واستقامة الاتجاه، ورصانة الحكم على الأمور مع اعتدال، ورزانة المحاججة مع عمق في التفكير ووضوح في البينة ورجاحة في العقل · وكنت أعلم أن أول من سيدعوه زكي هو صديق العمر محمد زينل، مثل الصداقة الأعلى، وأنه سيدعو كذلك الصديق طلعت الشيباني المحسوب دائماً على يسار اليسار النشط · وهكذا فعل زكي· إذ جاءني جوابه يقول إنهم اجتمعو ا في داره وتداولوا في الأمر وأجمعوا على أن أوافق على الاقتراح· فصّل لي زكي آراءهم· فهو شخصياً يرى أنني موظف وأن هذا الاقتراح هو بحكم النقل من عمل إلى عمل، ومحمد يرى أن عطا ماسة، كان ماسة في القضاء وماسة في الخارجية وسيكون ماسة في البلاط، أما طلعت فكان أشد المتحمسين للعودة وتولي العمل الجديد وهو يرى أن هذا سيكون نافعاً جداً·(2)

Pages