قراءة كتاب إذا الأيام أغسقت

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
إذا الأيام أغسقت

إذا الأيام أغسقت

عنوان الرواية هذا هو، بحدّ ذاته، رمز لمكان كان مضيئاً ثم أخذ يدب فيه الظلام. المكان: جامعة في العراق، والظلام ينتشر في بلد الحضارات ويمتد إلى موقع تدريسها.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 7
في منتصف آذار عام 1953، وبعد مظاهرات الطلبة، داهمت الشرطة دارنا ثانية، مطالبة بإلقاء القبض على والدي، فأجابتهم والدتي أنه ما زال عندكم في السجن· فقد وضعت مديرية الأمن التحقيقات الجنائية اسمه بقائمتها السوداء، بالرغم من ان نشاطه السياسي كان مقتصراً على ما ينشره ويكتبه من مقالات· وفتشت الدار مرة أخرى·
 
بعد أن عادت حياة في عام 1953من النمسا، ولم تبلغ بعد الثامنة عشرة من عمرها، اختفت في دار إحدى زميلاتها، لمدة شهرين تقريباً، وقد أصبحت انذاك ملتزمة كلياً بمبادىء وتعليمات الحزب الشيوعي· ولم تقم بزيارة عائلتها بعد إطلاق سراح والدها·
 
كان سبب هذا أن الحزب الشيوعي اعتبر والدها من كتلة لا تناصرهم في موقفهم السياسي، وذلك بعد الانشقاق الذي حدث داخل السجن بين السجناء السياسيين، حيث انقسموا الى كتلتين متضادتين· وشعر والدنا بألم دفين من السلوك الذي لم يكن يتوقعه من الذين يعتقد بأنهم حملةراية الحرية والعدالة والديمقراطية، إذ كان صميمياً في نظرته نحو مجتمع عادل حيث يؤمّن للفرد حرية الرأي·
 
و في عام 1954 ترك والدنا العراق متوجها للإقامة في لبنان، بعد أن أغلقت جميع أبواب المعيشة أمامه، وخاصة أبواب النشر، بالاضافة الى أنه كان معرّضاً لإلقاء القبض عليه في أي هزة يتعرض لها البلد بعد أن أدرج اسمه في القائمة السوداء
 
أكملت حياة الدراسة الثانوية وحصلت على شهادة البكالوريا، وأصبح من الصعوبة عليها دخول جامعة بغداد، لعدم حصولها على شهادة حسن السلوك بسبب انتمائها السياسي، مما دعاها الى ترك العراق والذهاب الى سوريا·
 
كان هذا السلاح، سلاح شهادة حسن السلوك، يشن في محاربة الطلبة ومنعهم من الحصول على شهادة في الدراسات العليا أو العمل في الدولة بعد تخرجهم من الكلية، وقد أُصدرت تلك التعليمات خصيصاً لمحاربة اليساريين والشيوعيين من الطلبة· لذا سافر عدد كبير من خريجي المدارس الثانوية الى سورية ومصر·
 
وصلت حياة متأخرة، فقد بدأت الدراسة في الجامعات السورية، فخسرت سنة دراسية كاملة، ثم قررت الذهاب الى مصر والالتحاق بجامعة القاهرة، قسم اللغة الانكليزية·
 
التقت حياة بعدد كبيرمن الطلبة في مصر، وتعرفت على من سيكون زوجها في المستقبل محمد صالح سميسم الذي لم تكن التقته من قبل على الرغم من وجود علاقة عائلية في بغداد· وقد هرب من العراق كغيره لملاحقة السلطة له في العهد الملكي·
 
و قد اهتم واعتنى محمد بحياة بصورة خاصة· وتطور ذلك الاهتمام الى حب، وصّمم على خطبتها، ولكن الظروف لم تكن ملائمة، فأجل اعلان الخطبةرسمياً، ولكن استمرت العلاقة بينهما حتى بعد عودتهما الى بغداد عام 1958، بعد ثورة 41 تموز·
 
و لم يكن قرانهما حزبياً، كما كان دارجاً في تلك الفترة، وإنما كان عن حب بحت· وما جمعه بحياة ليس النشاط والاتجاه السياسي فقط، وإنما حبه واحساسه العميق بالأدب والشعر· وانتظر حياة لحين عودتها من موسكو عام 1968، وتم قرانهما عام 1970، اي بعد انتظار دام ثلاثة عشر عاماً·
 
كانت حياة في تلك الفترة تقضي معظم وقتها بالمطالعة والدراسة في قاعة كلية الحقوق لهدوء أجوائها، حيث كان معظم الطلبة من الشباب يقومون بزيارة كلية الآداب لكثرة عدد الطالبات فيها، وهو الأسلوب الوحيد للاختلاط بالجنس الآخر· وعندما كانت في القاهرة، كان هنالك فصل تام بين الطلبة بالنسبة لانتمائهم السياسي، فالطلبة اليساريون والتقدميون لا يختلطون أو يتكلمون مع الطلبة البعثيين أو القوميين، اي هنالك عزل تام بينهم· وقد انعكست تلك الحدية وعدم المرونة في التعامل السياسي بوضوح بعد ثورة 1958
 
تطوعت حياة خلال العدوان الثلاثي على مصر، للتدرب على حمل السلاح، جاءت بعض المتطوعات في اليوم الأول بكعوب عالية وتنانير قصيرة، وكأنهن ذاهبات لحضور حفلةرقص· لذا فإن الضابط المسؤول عن تدريبهن التزم الجد والصرامة معهن في الأيام الثلاثة الأولى، ولكن غيّر سلوكه بعد ذلك، وأخذ يبتسم ويتساهل ويضحك، وكانت المتدربات يخلقن جو معركة حقيقية·

Pages