أنت هنا
قراءة لكتاب جاك باغنار

عرض عام لكتاب (( جاك باغنار)) : الدولة مغامرة غير أكيدة
منذ ست سنوات وقع في يدي هذا الكتاب الصغير الحجم الخطير المضمون ( الدولة ... مغامرة غير أكيدة ) للمفكر السياسي الفرنسي جاك باغنار ، ترجمة نور الدين اللباد عن دار عربية للطباعة والنشر ،مكتبة مدبولي طبعة اولى 2002 ، في 160 صفحة من الحجم المتوسط بغلاف اسود مع احجار الدوميون باللون الاحمر والأبيض التي ترمز الى الحظ والمغامرة .
والكتاب اشتمل على مقدمة وأربعة فصول ، الفصل الاول بعنوان البحث عن الأصول في اربعة نقاط والفصل الثاني بعنوان البطاقة البيانية للدولة في اربع نقاط والفصل الثالث بعنوان الدولة .. حقيقة غامضة في محورين : 1- الدولة نظام قانوني 2- الدولة نظام رمزي ، وجاء الفصل الثالث بعنوان : دور الهندسة المتغيرة في اربع نقاط اما الفصل الاخير بعنوان : البنية المتنوعة في مبحثين الاول : الدولة الوحدوية : حقائق مركبة ومتعددة والثاني : الدولة المركبة : بنية دقيقة 1- التحليل القانوني للفيدرالية 2- الفيدرالية في أزمة . والخاتمة والمراجع .
ورغم أنني قد قراءته في حينه وأثار اهتمامي بما يحتويه من وجهة نظر نقدية عقلانية جديدة في مسألة الدولة ومشكلاتها ، في ظل ما يشهده العالم اليوم من تفكك الدول الشمولية وتصاعد الحركات الاجتماعية السلمية حول العالم المطالبة بالاستقلال والحكم الذاتي ، الا اني لم ادرك اهميته الا بعد ان شاهدت افتراضاته تتحقق في كثير من الوقائع والأحداث الجارية ، وكان اخرها ما شهدته اوكرانيا ومازالت تشهده من تفكك ، بعد اعلان القرم استقلالها الذاتي بالاستفتاء قبل اسابيع ، وأخذت كثير من الشعوب والجماعات الاخرى في اوكرانيا وبلدان كثيرة اخرى حول العالم تحذوا حذوها وربما ستشهد الايام القادمة تطورت نوعية في هذا السياق لاسيما اذا ما صمدت تجربة استقلال القرم .
اوضح الكاتب الدوافع والأسباب التي تكمن وراء تفكك الدول الوحدوية البسيطة وضرورة تبدل الصيغة السياسية للعيش المشترك في العالم الراهن عالم ما بعد الحداثة والتعددية الثقافية هكذا كتب باغنار في مستهل كتابه (( لقد أعقب تحلل العالم القديم الثنائي القطب تركيبات هشة متعددة الأقطاب لقاء اضطرابات متعددة . وفيما وراء تناقضاته وانتفاضاته ، نستطيع كليا أن نجعل الدولة هدفا او رهانا أما من أجل الطعن بهويتها الناجمة عن شكل معقد لتاريخ مضطرب ، وإما من أجل اثارة بزوغ كيان دولي جديد بواسطة تفكك جماعات مدمجة بشكل اصطناعي ، واما من اجل اتاحة الفرصة لدولة جديدة مبتكرة كنتاج حتمي لهوية قومية "مستردة " )) .
وبعد ان فحص بدقة تاريخ تشكل الدولة الحديثة وكشف عن نقاط ضعفها راح يعدد الحركات المتصاعدة التي تكافح من اجل الفكاك من الدول المركزية ، في ايطاليا التي شهدت ولادة بادانيا 1996 والكبيك في كندى و والباسك في اسبانيا وايرندا في بريطانيا وفي بلجيكا وفي كثير من الدول التي تبدو متماسكة بما في ذلك الولايات المتحدة الامريكة ، فضلا عن الشواهد المتحققة في الواقع كما هو حال تفكك دولة الاتحاد السوفيتي ، وتشكوسلوكيا واندنوسيا والسودان وغير ذلك من البلدان .
كتاب يستحق قراءة متبصرة لما يحتوية من اضاءات مفيدة في فهم المشكلة التي ارهقتنا مع غزاة النهب والتكفير والتدمير !
المصدر : صحيفة عدن الغد