أنت هنا

عن الأردن ومبدعيه لعبد الستار ناصر .. جمر المعاني

عن الأردن ومبدعيه لعبد الستار ناصر .. جمر المعاني

لأصابع أتقنت مغازلة قلم دبب رأسه بالنور ،ولأم على هيئة صفحة زرقاء اللون عتقت بالماء والندى نهضت جورية حمراء بأوراق واعدة بالكثير على الغلاف كي تومئ باخضرار الفكرة وبديمومة الحضور للإبداع، أوليس من الماء كل شيء حي؟ هكذا بدأت كثافة الإيحاء في التجلي الملهم على الغلاف الآسر الذي صممه الفنان زهير أبو شايب لكتاب المبدع العراقي عبد الستار ناصر الموسوم (عن الأردن ومبدعيه وأظنه الجزء الأول والصادر بدعم مشكور من وزارة الثقافة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في طبعته الأولى 2005).
من ثنايا احترقاته العميقة في وصفه لعمان بين عامي 1964 وتحديدا من أول فندق عاقره الوفاء لشدة ودقة استحضاره له في مفتتح كتابه (فندق فيلادلفيا قرب الساحة الهاشمية) وبين عام 1999بداية استقراره في فندق ثان بعمان أيضا هو رم كونتنتال يدوزن المبدع عبد الستار ناصر شجرة حواسه الرهيفة كي يطلق من على منصتها شهاداته النقدية الضافية وفصول كتابه الغني هذا مع إيقاع النبض وكانه شواء الكلم المضمخ بلغة شاعرية على جمر من المعاني الواثقة رأيا ورؤية كي ينصف الإبداع في الأردن وثلة من مبدعيه الذين تناول بعضا من أعمالهم المنشورة ناثرا بذلك الأمكنة الاردنية وتاريخها دهشة وافتتانا بين يدي إخوتنا أبناء الضاد قراء وعشاقا وباحثين في المجتمع الأردني الإنسان والمكان والطبائع الحميدة الولودة بالخير دائما
إذ يفجر المبدع انحيازه لثماني سنوات أمضاها أخيرا (1991 ـ 1999) وأبقيها هنا مفتوحة على العمر المديد للباحث في تجواله المستمر بين مدن وريف وبادية الأردن ومبدعيه عبر واحة من العناوين اللافتة وهي : هكذا يرحل مؤنس الرزاز، الياس فركوح يدخل حقول الظلام، مخزن كوابيس في مطر آخر الليل لخليل السواحري، أشجار دائمة العري ليوسف ضمرة، جزل الإبداع والثقافة لعزمي خميس، فالانتين لسليمان الازرعي، سبع قصص في واحد لمحمود الريماوي، المهيمن في ليلة الريش لجمال ناجي، موت لا اعرف شعائره لمفلح العدوان، طه حسين روائيا لخالد الكركي، النجوم لا تسرد الحكايات لبسمة النسور، الكتابة في تموز لا ثياب عليها لخليل قنديل، وليمة وحرير وعش عصافير لتيسير نظمي، حكايا وقصائد موسى حوامدة، النسر في الليلة الأخيرة إنصاف قلعي، المكان لا يتسع لحماقة لطلعت شناعة، أشجار شعثاء باسقة لياسر قبيلات، واخيرا درجات جميلة عمايرة . ولعل ما تميز به عبد الستار ناصر وبامتياز في كتابه هذا باعتقادي بلوغه ذروة التجلي في عنوانين شاعريين للمكان ذخرهما في بداية الكتاب بعد المقدمة التي لابد منها على حد تعبيره هما:
اولا صباحك سكر يا عمان إذ إن هناك تناصا مكثف الدلالات بين العنوان أعلاه وبين ما هو عراقي الجذر والحضور ممثلا في المؤلف والمطرب كاظم الساهر من جهة وبين كلمات الأغنية للشاعر السوري نزار قباني فهل أراد عبد الستار ناصر كعادته أن يوسع فرجار كتابته الإنساني مستحضرا وموظفا ديم من المعاني الماطرة بالشوق والحلوى التي حضته على أن يتساءل وبوضوح الرؤيا ماذا يعني أن تحيا ستة أعوام في الغربة عن بلدك في بطينه الأول وهو العراق وان تختار العيش في البطين الثاني للقلب عند عبد الستار نفسه وهو الأردن إذ يقول ( في داخل مشابك الروح اصرخ : يا عمان يا بغداد إذا بالضلوع تتقوس في حالة من الصلاة ص 15 ) .
وثمة تناص ذهني أخر للمبدع عبد الستار ناصر إذ يقول ( حتى اصغر القرى ينبغي رؤيتها من داخل تربتها وصخورها .... أحببت صمت الجبال وهي تشهق أمامك بكبرياء عظيم نحو الخالق ص 19 ) أقول أن هذا تناص ربما مع المبدع العراقي أيضا ياسين نصير عندما قال لي يوما انتم الأردنيون جوانيو المشاعر خصوصا بعيد الغروب كما أن عمان تفتقد لمقاهي الأرصفة بانفتاحها على المارة - كما في عواصم العالم الاخرى ـ وربما لم تتغلب بعد على سطوة الرصيف الهامد .
ثانيا الفصل المعنون بعبقرية المكان إذ لا يملك القارىء باعتقادي أمام هذا الفصل خاصية التردد بين أن يستحضر ويتمثل وخز المعاني التي أطلقها المبدع من عقال وصرامة البتراء ورم رغم سطوة الصخر وهيبة الصحراء برمالها الواضحة والتي عادة لا تبتسم لأحد رغم أنها أنثى ولكن بين هذا وذاك اجترح الكاتب معاني نوعية مستلهمة من مدارج المكان وتدرجات أنسجته عبرت عن خصوصية وتفرد في المعنى والتوثيق المعرفي كقوله ( جبال رم من النوع الذي ينتمي لحزب البقاء ويؤمن أن الخلود هو نبراسه الأول والوحيد ص 26 )ويضيف في مكان اخر قائلا من غير الممكن بعد الليلة غلق مذكراتي دون أن يسري في دفاتري ذاك الممر الجبلي المزدان - البتراء - بعطر التاريخ وضوء مئات الشموع مع صوت الناي الذي حز مشاعري وأعادنا ثلاثة آلاف سنة إلى الوراء، يا لهذا الجمال الذي رأيناه في رم ويا لتلك الليلة في البتراء .
ولاشك أن هذا العمل كغيره من الأعمال لا بدمن وقوع بعض الاختلافات في كيفية كتابة بعض أسماء المناطق بهذه الطريقة مثل : اليدودة والأسلم اليادوده وجبل ينبو - نيبو وهذا منتشر في الكتب أو حتى الأوراق البحثية لأسباب عديدة و مع هذا لم تتأثر قيمة الكتاب وقيمه الإبداعية المضافة نتيجة لذلك أخيرا
هذه الاضاءات الجوانية للكتاب تحمل معنى الإغواء لكتاب وباحثين لدراسته والإفادة منه بحثا ومعرفة لأنها مجرد شمعة لقراءة هاو وتذكير في كتاب اغنى باعتقادي المكتبة الأردنية والعربية في خصب موضوعاته وتفرد طرائق تناولها .* باحث أكاديمي ـ ورئيس ملتقى الكرك الثقافي

الناشر: 
eKtab

أخر الأخبار

يسرقون الصيف من صندوق الملابس نزار أبو ناصر

يسرقون الصيف من صندوق الملابس

نزار أبو ناصر

 

صدر حديثا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر 2021 ديوان " يسرقون الصيف من صندوق الملابس" للشاعر نزار أبو ناصر.

 منذ أعماله الأولى والشاعر نزار أبوناصر يطرق باب...

تاريخ فلسطين الحديث د. عبد الوهاب الكيالي

تاريخ فلسطين الحديث

د. عبد الوهاب الكيالي

 

صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر 2021 كتاب " تاريخ فلسطين الحديث" - تأليف د. عبد الوهاب الكيالي . هذه هي الطبعة الثانية عشرة من الدراسة الجادة والشاملة لتاريخ فلسطين...

لأول مرة كتب عربية وانجليزية رقمية في مكان واحد وفي مكتبة واحدة متاحة للجميع

تعلن شركة ektab عن توفيرها 70,000 كتاب باللغة الانجليزية لمستخدميها مجاناً عبر موقعها الالكتروني www.ektab.com

اطلقت شركة  “اي كتاب” 70,000 عنوانا باللغة الانجليزية من شتى...