كتاب " دروب النعيم " ، تأليف جيمس آلان ، ترجمة جانبوت وليد حافظ ، والذي صدر عن دار الفكر للطباعة والتوزيع والنشر عام 2014 .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
قراءة كتاب دروب النعيم
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

دروب النعيم
ثمة بدايات صائبةٌ وأخرى خاطئة، وتتبعها كلها نتائج من طبيعتها. يمكنك بالتفكير العميق أن تتجنب البدايات الخاطئة وتختار بداياتٍ صائبة، لتنجو بالنتيجة من النتائج السيئة وتنعم بالنتائج الجيدة.
من البدايات ما لا تملك سيطرةً أو سلطةً عليه، لكن اعمل على توجيه طاقتك وانتباهك إلى تلك البدايات التي تملك سيطرةً وسلطةً كاملةً عليها والتي تنسج الشبكة المعقدة من النتائج التي تتشكل منها حياتك. تجد هذه البدايات ضمن تيار أفكارك الخاصة وأفعالك، وفي مواقفك الذهنية ضمن الظروف المختلفة التي تمر بها خلال فعالياتك اليومية أو باختصار خلال حياتك التي تعيشها كما تصنعها، لتصنع حولك عالماً من الخير أو من الشر.
عند استهداف حياة النعيم فإن أبسط البدايات التي على المرء أخذها بعين الاعتبار والقيام بها هي تلك التي نقوم بها كل يوم بعناية، وهي بداية حياةِ كل يوم.
كيف تبدأ كل يوم من أيام حياتك؟ متى تستيقظ؟ كيف تتولى مسؤولياتك؟ ما الإطار الذهني الذي تدخل منه محرابَ الحياة المقدسة لكل يوم جديد؟ ما الإجابة التي تستطيع تقديمها من قلبك عن كل من هذه الأسئلة المهمة؟ ستجد أن معظم السعادة أو التعاسة تتبع للبداية الصائبة أو الخاطئة لكل يوم، وستجد أنك إذا بدأت كل يوم بحكمةٍ، فسترى مساره موسوماً بالسعادة والتناغم، وأن الحياة بمجملها لن تنقصها البركة.
إن الاستيقاظ مبكراً كل يوم هو بالتأكيد بداية قويةٌ وصائبة. حتى لو لم تتطلب واجباتك الدنيوية هذا فمن الحكمة أن تجعل من الاستيقاظ المبكر واجباً، وأن تبدأ يومك بقوة وتنفض عنك الكسل. كيف تطور قوة الإرادة والجسد إذا بدأت يومك بالإذعان للضعف؟ التساهل مع الذات تتبعه التعاسة دائماً، وتجد من يبقون في فراشهم حتى وقت متأخر بعيدين عن الابتهاج والسرور والنشاط، وتجدهم ضحايا الاهتياج، والاكتئاب، والوهن، والاضطرابات العصبية، والميول الشاذة، وكل الأمزجة غير السعيدة. وهو ثمن باهظٌ ينبغي عليهم دفعه لقاء تساهلهم هذا. يشبه الأمر أن تُـعمي نفسك وتتركها منقادة كما يفعل السكير الذي يتناول جرعته اليومية معتقداً أنه ينشط أعصابه المنهكة طوال الوقت، فتبقى في فراشك مقتنعاً بأن الساعات الطويلة من الراحة ضرورية، وأنها بمنزلة العلاج لك من تلك الأمزجة والضعف والاضطرابات التي سببها تساهله مع نفسه. يغفُل الناس، سواء من الرجال أم النساء تماماً عن هذه الخسارة الكبيرة التي يتكبدونها جـرَّاء هذا التساهل عموماً: فقدان القوة سواء في الذهن أم الجسم، وخسارة الغنى، وخسارة المعرفة، وخسارة السعادة.
ابدأ يومك إذن بالاستيقاظ مبكراً. فإذا لم يكن لديك غاية من هذا فلا تهتم، استيقظ واخرج في نزهة بسيطة في جمال الطبيعة وستشعر بالبهجة، والانتعاش، والفرح، وسلام الذهن الذي يأتيك كأنه مكافأة لك على جهدك. كل جهد خيِّـرٍ يتلوه آخر، وعندما يبدأ الإنسان يومه بالاستيقاظ مبكراً دون أن يملك غاية من استيقاظه فسيجد أن ساعات الهدوء الأولى تفضي إلى صفاء الذهن وهدوء الأفكار، وأن نزهة الصباح الباكر تمكنه من التحول إلى مفكِّـرٍ غزير الأفكار يرى الحياة ومشكلاتها ويرى نفسه وعلاقاته في صورة واضحة، ليجد نفسه مع الوقت ينهض مبكراً مع شعور بالمغزى المتمثل في إعداد ذهنه وتناغمه ليواجه كل صعوبةٍ بحكمةٍ وقوة هادئة.
هناك في الحقيقة تأثير روحاني لساعات الصباح، ففي السكون الإلهي طمأنينة لا تصفها الكلمات، وذلك الذي يتعمد أن يرمي عن نفسه بقوةٍ عباءة الراحة ويتسلق الهضاب لتحية شمس الصباح، سيتسلق في الوقت نفسه مسافة ليست بالقصيرة على هضاب النعيم والحقيقة.
البداية الصائبة ليومك تليها البهجة على مائدة الإفطار الصباحية، ليتخلل المنزل ذلك التأثير الشمسي، وستسير واجبات ذلك اليوم ومهماته بروح قويةٍ واثقة لتعيش يومك بأكمله.
هناك إذن شيء من حياةٍ جديدةٍ يمكن الشعور بها في بداية كل يوم جديد، يمكننا فيها أن نفكر ونتصرف ونعيش بروحٍ جديدة أكثر حكمة.
"كل يوم هو بداية جديدة
ويُـصنع العالم من جديد في كل صباح
وأنت.. أيها المتعبُ من الأحزان والخطايا
إليك أملاً جميلاً
أملاً لي وأملاً لك"