قراءة كتاب دروب النعيم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
دروب النعيم

دروب النعيم

كتاب " دروب النعيم " ، تأليف جيمس آلان ، ترجمة جانبوت وليد حافظ ، والذي صدر عن دار الفكر للطباعة والتوزيع والنشر عام 2014 .
 ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
3
Average: 3 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 6

تتكون قوة الإرادة الحقيقية من التغلب على نوبات الهيجان والحماقات والاندفاعات وزلات الأخلاق التي ترافق الحياة اليومية للمرء، والتي لابد لها من أن تتجسد مع كل استفزاز بسيط. ومن خلال تطوير الهدوء وضبط النفس والفعل الهادئ تحت ضغط الحياة وحمى الواجبات الدنيوية، ووسط زحام الشغف غير المتزن. أي شيء أقل من هذا ليس بقوةٍ حقيقية، وهذه لا يمكن تطويرها إلا عبر المسار الطبيعي للنمو الثابت في التنفيذ بمزيد ومزيد من الإتقان، والغيرية والمثالية يومياً في المهمات المنطقية والالتزامات الضرورية.

ليس السيد من يحقق "الإنجازات النفسية" المحاطة بالغموض والعجب لتتركه في لحظات الغفلة ضحية الثورة والندم والنكد، أو أحمق أو آثماً. إنما تتجسد "السيادة" في الجَـلد، وعدم الاستكانة للخيبة، والتحمل، والهدوء، والصبر اللامحدود. السيد الحقيقي هو سيد نفسه، وأي شيء آخر ليس سيادة بل وهم.

الشخص الذي يضع ذهنه بأكمله في القيام بكل مهمةٍ كما تطلب منه، ومن يضع طاقته وذكاءه، مبعداً كل شيء آخر عن ذهنه، ويكافح للقيام بذلك الشيء مهما كان صغيراً، وإتقانه وإكماله مبتعداً بنفسه عن كل جائزةٍ لمهمته. يحقق مثل هذا الشخص سيطرةً أكبر على ذهنه كل يوم، ويتحول من خلال الارتقاء المستمر ليصبح في النهاية رجلاً ذا سلطةٍ، وسيداً.

انغمسْ دون تحفُّظ في مهمتك الحالية، وبهذه الطريقة اعمل وتصرف وعِـش بحيث تترك كل مهمةٍ قطعة جهدٍ مكتملةً، فهذه هي الطريقة الحقيقية لاستحواذ قوة الإرادة، وتركيز الأفكار، وحفظ الطاقة. لاتبحث حولك عن وصفات سحرية، أو عن أساليب مصطنعة أو مرهقة. كل المصادر موجودة معك وفيك سلفاً، وليس عليك إلا أن تتعلم كيف توظف نفسك بحكمةٍ في الموضع الذي تحتله. وحتى تقوم بهذا لن تتمكن من الوصول إلى الأماكن الأعلى التي تنتظرك أو امتلاكها.

ليست هناك طريق إلى الحكمة والقوة إلا من خلال التصرف بقوةٍ وحكمة في اللحظة الحاضرة، وكل لحظة حاضرة تكشف مهمتها الخاصة. يقوم الرجل العظيم والرجل الحكيم بالأشياء الصغيرة بعظمة دون اعتبار أي شيء ضروري "تافهاً". أما الشخص الضعيف أو الأحمق فيقوم بالأشياء الصغيرة بشكل رديء وكيفما اتفق متشوقاً إلى عمل أعظم فيما بعد، فيعمل من خلال عدم قدرته هذه على أداء مهمته الصغيرة على نشر صورة عدم كفاءته. يطمح الشخص الأقل سيطرة على نفسه باستمرار للسيطرة على الآخرين ويتظاهر بتوليه لمسؤوليات كبيرة. "الشخص الذي يتجاهل شيئاً يرى ضرورة فعله لأنه يراه أصغر من أن يفعله هو شخص يخدع نفسه، فليس هذا الشيء بالغ الصغر بل إنه شيء أكبر من أن يتمكن هذا الشخص من القيام به".

كما يفيد قيام الرجل القوي بالمهمات الصغيرة بهمةٍ في زيادة قوته، كذلك يساهم قيام الرجل الضعيف بعمله دون همة في إضعافه أكثر. فما شخصية الرجل إذا كان مشتتاً بين مهماته؟ الضعف مصدر كبير للمعاناة كما الخطيئة، ولا يمكن أن تتحقق غبطة حقيقيةٌ حتى تتطور بعض مقاييس قوة الشخصية. يصبح الرجل الضعيف قوياً من خلال إضفائه القيمةَ على الأشياء الصغيرة والقيام بها وفقاً لهذا، ويتحول الرجل القوي ضعيفاً عندما يتراخى ويتجاهل الأشياء الصغيرة ليخسر بذلك حكمته البسيطة ويشتت طاقته. نرى هنا العملية المثمرة لقانون النمو المعبر عنه بكلمات بسيطة غير مفهومة جيداً: "يعطَـى الرجل الذي يملك، وأما الذي لا يملك شيئاً فسيؤخذ منه"، يكسب المرء أو يخسر فوراً بسبب كل فكرةٍ يفكر بها، وكل كلمة يقولها، وكل فعل يقوم به، وكل عمل يضع فيه قلبه. وشخصيته هي كمية متغيرة لحظةً بلحظة يضاف إليها في كل لحظة أو يحسم منها، ويأتي الكسب والخسارة يقيناً مع كل فكرة وكلمة وفعل، وهي تتتابع في تسلسل سريع.

يصبح من يتمرس في الأمور الصغيرة السيد الشرعي للأمور العظيمة، وأما من تسوده الأمور الصغيرة فلا يمكنه أن يحقق نصراً كبيراً.

الحياة أشبه بتعاونيةٍ؛ الكـلُّ فيها من طبيعة الجزء ومعتمدٌ عليه.

يتطور العمل الناجح والآلة المثالية والمعبد الفخم والشخصية الجميلة من التناسق المثالي لأجزائه المكونة.

الصفحات