قراءة كتاب دافيد بن جوريون

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
دافيد بن جوريون

دافيد بن جوريون

كتاب " دافيد بن جوريون " ، تأليف تهاني سلامة هلسة ، والذي صدر عن دار آمنة للنشر

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 6

وكانت مهمة الخطابة والدعاية من المهام التي اضطلع بها دافيد جرين. واشتهرت الجمعية حتى عرف خبرها في وارسو. وقد كان الخلاف على أشده بين أتباع جمعية عزرا واتباع دعوة بند <<Bund>> وهي الدعوة للاشتراكية والحرية في بولونيه دون النظر للدين. ورفض بن جوريون الاشتراكية بهذا المفهوم منذ البداية, وحجته أن هرتزل الذي عاش في بلد ديمقراطي رأي أن الحل الوحيد لتحرير اليهود هو إعطاؤهم وطنا خاصا بهم. وغالبا ما كان النقاش العقائدي يحتدم بين الفريقين([14]). يفسر بن جوريون موقفه في الماضي بقوله: نحن لم نكن ضد حكم ديمقراطي في بولونيه, ولكننا كنا نرى أن ذلك لا يحل مشكلتنا. حتى ولو كنا سنضمن عدم الاضطهاد فإننا كصهيونيين كنا نريد بناء صهيون وهكذا كان على جمعيتنا أن تحارب في جبهتين : الجبهة الأولى اقناع الصهيونيين بالهجرة إلى فلسطين كتعبير عن صدق صهيونيتهم, والجبهة الثانية كانت في محاولتنا تحويل اتباع بند إلى العقيدة الصهيونية. وقد عرف بن جوريون ببلاغته وقوة حجته حتى أن الحبر سمحا قال : لو عندنا عشرة مثله لحررت إسرائيل ([15]).

وبعد المؤتمر الصيهوني عام 1902 شعر الصهيونيون بالخيبة لأن هرتزل لم يجد نجاحا في مفاوضاته, وبدأ الشك يساورهم في جدوى ترك القيادة لرجل واحد واتباع طريقة واحدة. وظهر في ذلك الحين وايزمن مع جماعة صغيرة أخذوا يطالبون بضرورة اتباع الديمقراطية في القيادة الصهيونية. وأخذ القلق يستحوذ على يهود روسيه لظهور بوادر الاضطهادات بتحريك من وزير الداخلية الروسي بليف (Plehve ) . وصمم الشباب اليهودي على الثورة على النظام القائم أو الهرب كلية من روسيه. وفي ذلك الحين انضم بن جوريون إلى حركة عمال صهيون التي كانت تدعو للهجرة إلى فلسطين والعمل فيها وإلى العدل الاجتماعي بين اليهود ولو على حساب سكان فلسطين العرب.

ذهب بن جوريون إلى وارسو لاتمام دراسته لإنه لم يكن يوجد مدارس ثانوية في بلونسك . ومنذ البداية لم يهتم بن جوريون بالقومية البولونية ولم يتعلم اللغة البولونية لأنه لم يكن يرى أن لهما علاقة بالأفكار القومية لليهود التي آمن بها, وحتى في المدرسة الابتدائية فإنه اختار اللغة الروسية. وفي وارسو كان يعطي دروسا في اللغة العبرية ليغطي مصروفاته المدرسية, غير أن دراسته وشغله لم يمنعاه من متابعة نشاطه مع جميعة عمال صهيون, فقبض عليه البوليس بتهمه الشغب, ولكن والده استطاع إخراجه من السجن وعاد به إلى بلونسك وهكذا قطع دراسته المنتظمة([16]) , مع أنه كان يريد أن يتعلم الهندسة, لإنه كان يعرف أن استعمار فلسطين بحاجة إلى مهندسين ولأنه كان قد قرر الهجرة إلى فلسطين والاشتراك في عملية الاستعمار مــــع زملائه([17]).

وبعد مذبحة كيشينيف, ووفاة هرتزل عام 1904 قرر بن جوريون وأصدقاؤه المتحمسون الإسراع بالهجرة إلى فلسطين. وذهب صديق طفولته الحميم شالوم زماخ إلى فلسطين دون أن يخبر ذويه إذ كانوا من عائلة غنية تعارض في هجرته. وفي هذه الفترة كان اليهود يتأملون خيرا من الإصلاحات في روسيه, ولكن بن جوريون لم يكن يرى رأيهم وكان يفضل استمرار سوء وضع اليهود لتنجح الدعوى الصهيونية في حملهم على الهجرة لاستعمار فلسطين. وزاد من حيرته أن انقسامات حدثت بين القادة الصهيونيين بعد موت هرتزل. وبقي دافيد بن جوريون سنة أخرى يشتغل منظما للحركات العمالية في منظمة عمال صهيون. وعرف كخطيب مؤثر وكخصم للاشتراكيين. وكان يتقن اللغة الروسية واليديشية والعبرية. وكانت المراسلة بينه وبين صديقه شالوم منتظمة وكانت أول من نبّه الأذهان لمشكلة اليهود مع العرب. ويقول أن رسائل صديقه تعطي صورة واضحة عن الحال في ذلك الحين ولكنه أضاع المجموعة في القسطنطينية ولم يستطع العثور عليها بعد ذلك([18]).

الصفحات