قراءة كتاب قراءة حديثة في كتاب قديم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
قراءة حديثة في كتاب قديم

قراءة حديثة في كتاب قديم

 

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
دار النشر: مكتبة مدبولي
الصفحة رقم: 4

3- صغار المستثمرين

هزيمة 67 هى أهم الأحداث التى أعقبت 23 يوليو 1952 تأثيرا فى تاريخ مصر لقد شحذت كل القوى أسلحتها واستعدت للمعركة بــعد أن تصورت ضعف النظام .

ورغم محاولات القائد لتصحيح المسار ببيان 30 مارس 1968 ورغم دعوته لوحدة وطنية تقف صفا واحدا لاسترداد الأرض السليبة برفعه شعار " لا صوت يعلو على صوت المعركة " .. الا أن الرأسمالية الجديدة كان صوتها أعلى من أى صوت مطالبة بتدمير النظام القديم .

ومع اهتمام القيادة السياسية بترميم القوات المسلحة .. انزوت الآمال والأحلام العظيمة لبدايات الاشتراكية ... فتوقفت الصناعات الوليدة خصوصا الحربية منها وعانت من مشاكل التجديد وعجز قطع الغيار .. وتداعت شبكات الخدمات ( مجارى – مياه – كهرباء – تليفونات – طرق ) ... وتم تجنيد زهرة الشباب القادر على العمل وهاجر الآخرون الى الدول العربية و أوروبا ... فتدهورت الزراعة والخدمات التعليمية والصحية والفن والثقافة والعلوم ... وحلت أزمة اقتصادية طاحنة استفادت منها الرأسمالية فى تراكم رؤوس أموال جديدة مستغلة كل ما يمكن استغلاله متهربة من تطبيق القوانين ودفع الضرائب والجمارك .

وبدأ الحماس والحب والاعتزاز والثقة التى تولدت مع انتصارات الثورة الأولى يحل محلها قيم السقوط الأخلاقى التى صاحبت الهزيمة ... فانتشرت وسائل اللهو والعبث والمخدرات وتقديم المتعة المحرمة للوافدين من أطراف الدول العربية .. و أصبحت الرشوة واستغلال النفوذ أعمالا يومية لا يخجل منها المواطن ويحاول سترها ... و أصاب الناس حمى الحصول على المال بأسرع ما يمكن و أسهل ما يمكن ...

فسقطت الخطوط الدفاعية التى أقامتها " الدولة الاشتراكية " خط خلف خط وظهرت " القطط السمان " على حد التعبير الذى ساد فى تلك الأيام .

ولكن .. من أين ظهرت " القطط السمان " ... ؟ رغم وجود القوانين الاشتراكية !!

لقد ظهرت من كل ما هو غير مشروع من أنشطة !!!

الرشوة والعمولات خصوصا فى مجال المقاولات التى كان عليها العبء الأكبر فى إنشاء الخطوط الدفاعية الجديدة .. بدون أى حساب أو منافسة أى بطريقة ( التكلفة + قيمة مضافة).

ومن تهريب البضائع من مصادر أخرى غير اليمن بعد أن زادت شهية المستهلك لها... ونشطت " تجارة الشنطة " الى بيروت و أثينا وليبيا . ومن توريد العمالة للدول العريبة ... ومن المضاربة بسعر الجنيه المصرى بالسوق ومن البغاء والشقق المفروشة وتقديم التسهيلات للسياحة القادمة من الدول العربية ... و أخيرا من بدايات الانتعاش الذى تم مع ورود عوائد عمل العاملين بالخارج .

ومن الطبيعى والموقف بهذا الشكل أن ينعكس ذلك على مجالات الاستثمار الجديدة ... فتصبح استثمارات ذات عائد سريع ... أى فى مجالات الاستهلاك اليومى ...

مثل تربية الدواجن من أجل البيض والذبح والحيوانات من أجل اللبن واللحم . زراعة الفواكه ( وتوقفت زراعة القمح والذرة والقصب والقطن ) صناعة الأحذية والشنط ... تهريب الذهب وصناعة الحلى ... الملابس والسجاد... منتجات خان الخليلى ... وفى مجالات أقل كتأجير الشقق المفروشة للسياح العرب فى الأساس ... تشغيل التاكسيات ووسائل النقل الفاخرة... ورش الإصلاح تجارة العملة والأدوات الاستهلاكية من ملابس وأدوات زينة ( البوتيكات ).

وبدأت ظاهرة الدروس الخصوصية و ارتفاع أسعار الخدمات الطبية والفن الرخيص .

وهكذا كان المسرح قد تم إعداده لأحداث ما بعد 73 لقد ساد منطق جديد... منطق الربح السريع ... ومع انهيار الأخلاق انهار الكتاب والاسطوانة والفيلم والمسرح... وتفشت الفردية وعدم احترام العمل كقيمة ... ولاذ البعض بالدين والدروشة هربا من الطوفان ولجأ آخرون الى الهجرة أو الهروب بأمراض مستعصية نفسية .. أو بالانحلال .

الصفحات