You are here
كتب طلال صيتان الماضي تطاحن النخب السياسية

تمر على الأردن حالة غريبة غير مسبوقة في ثقافته السياسية متمثلة في تطاحن بعض رجالات الدولة على البقاء ضمن دائر الضوء السياسي والقرب من دائرة التأثير في القرار السياسي، وهذا حق مشروع لكل شخص ولكن ضمن ضوابط أخلاقية اعتدنا عليها في رجالات الدولة الأردنية عبر تاريخنا السياسي وأن كان هناك استثناءات لا تذكر لبعض الأشخاص الذين عملوا على الإساءة للغير ليكون الثمن بقائهم ضمن دائرة التأثير والقرار.
إلا أن الحالة التي يعيشها ملعبنا السياسي ومنذ عقدين من الزمان طغت عليها حالة انعدام الخلق في التعامل بين بعض رجالات الدولة بهدف الحفاظ على المكاسب الشخصية حتى وان كان الثمن خسارة الوطن للكثير من رجالاته الذين يأنفون أن يستخدموا مثل هذه الأساليب للحفاظ على مكانتهم السياسية وغادروا العمل السياسي دون ضجيج مخلفين ورائهم مساحة للأسف ملأت بمن يقلون كفاءة عنهم.
فمن هذه الحالات على سبيل المثال لا الحصر الدكتور عون الخصاونة الذي خسرته إدارة الدولة الأردنية بسبب تكالب بعض النخب السياسية عليه والبدء بنسج خيوط الـتآمر على شخصه وطريقة إدارته وصولاً لاتهامه بأنه يتآمر مع الإسلاميين على القيادة الهاشمية؟!
وهل هذا آمر يقبله عاقل لوصف رجلٌ تلقى تربيته الإدارية والسياسية تحت ظل القيادة الهاشمية وعمل كأقرانه الشرفاء ممن أُتيح لهم العمل بإخلاص وتفاني منقطع النظير.
ونفس الحالة تكررت مع دولة طاهر المصري الذي أفنى سني عمره في خدمة الوطن والدولة الأردنية والعرش الهاشمي ولكن برؤية إصلاحية متطورة أقلقت مدعي الإصلاح ومدعي الوطنية والولاء للعرش الهاشمي وكيف أنه جمع وبكل حصافة كل الصفات التي ذكرت وأكثر مع احتفاظه بحبه لفلسطين الوطن وحرصه على فلسطين القضية دون أن يغلب حب كل من الأردن وفلسطين على الآخر بقلبه، فبدلاً من أن يكون مغادرته لموقعه السياسي الذي تقلده بكل أمانة وإخلاص طبيعية جداً على مبدأ سنة الحياة في التغيير واستلام خلفه رجل الدولة دولة عبدالرؤوف الروابدة لموقعه باستحقاق وطني بامتياز إلا أن الفئة التي أسلفت ممن ابتلى بهم الوطن حاولوا تشويه صورة "الطاهر" طاهر المصري لصفات هو أجل وأرقى من أن تدور في خلده للحظة من اللحظات ولكن لضعف في نفوسهم وحقد دفين على أنفسهم قبل غيرهم نعتوا الرجل بالإقليمي تارة وبالمندفع نحو الإصلاح بشكل غير مبرر ويخالف قواعد اللعبة السياسية بالأردن تارةً أُخرى، مع العلم بأنه كان يمكن لأن يكون التعامل مع حالة التغيير الطبيعية التي أسلفت بطريقة أخلاقية تحافظ على الصورة الوطنية المشرقة لأي شخصية يطاله استحقاق التغيير- إن كان كذلك - لأن ذلك يساهم في تعزيز منظومة الأخلاق في حياتنا السياسية ويعزز ارتباط الأشخاص بوطنهم ومكوناته.
شراء أعداء الوطن من أبناء الوطن حالة أردنية بامتياز وتكاد تكون غير مسبوقة في دولة أخرى، نتمنى على بعض رجالات النخبة الحاكمة أن يتقوا الله بالوطن وبقيادته الهاشمية صاحبة الخلق الرفيع والتي تعطي المجال لأصحاب القرار حرية في التفكير واتخاذ القرار ولكن ذلك يبقى ضمن دائرة تصويب الأمر عندما يصل لمرحلة خطيرة كما نحن بصدده.
والله من وراء القصد.