You are here
رِيام وكفى جديد الروائية العراقية هدية حسين

رِيام وكفى جديد الروائية العراقية هدية حسين
أحدث الإصدارات الروائية التي صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر 2014 .
أربع نساء قاومن بالصبر أعباء الحياة، ضمهن بيت واحد وجمعتهن مهنة واحدة، سارت حياتهن أول الأمر مثل نهر هادىء من دون طموحات كبيرة، لكن النهر ماج وغدا طوفاناً عبث بمصائرهن فاختلفت، وبأحلامهن فتبددت.. ونساء أخريات فهمن لعبة الحياة فصنعن مصائرهن على مقاسات أحلامهن، ونساء تركن زمام أمورهن للمصادفات.. وللرجال مسارات مضت بهم الى آخر الشوط، فمنهم من نجا ومنهم من هوى وطواه النسيان.
حكاياتهن، وحكاياتهم،مدروزة في صندوق خفي داخل رأس البنت الصغرى(رِيام) التي حلقت خارج سرب العائلة، واستهوتها لعبة البحث عن كل ما هو مغلق لتفتحه، فراحت تنبش في ماضي عائلتها، وتخوض في العلاقات الشائكة، تنفض عنها غبار الكتمان لتكشف ما طمرته الأيام من أسرار، وتحكي دون وجل عن علاقاتها بالرجال، وكيف تحول أحد عشاقها الى قاتل، وآخر اختفى من دون أثر، وثالث انتمى إلى حزب محظور أودى به إلى التهلكة.. وأية غرائز تقود العم للتحرش بابنة أخيه، وزوج الأخت الذي يشتهي شقيقة زوجته.
من أجواء الرواية نقرأ :
حالما دخلنا المدرسة توجّه أبي إلى غرفة المديرة، كنت لمّا أزل في بداية العام الدراسي من الصف الرابع الابتدائي، لم أكمل التاسعة من العمر، طرق أبي الباب المفتوح فرفعت المديرة الثخينة رأسها، وأزاحت خصلة الشعر الحمراء عن جبينها، كانت تقرأ في دفتر، وعلى الطاولة فنجان قهوة، رائحة القهوة تضوع في أرجاء الغرفة مختلطة بالعطر الذي ينبعث من جسدها كل صباح أثناء الاصطفاف اليومي، ما إن رأتني حتى ازورّ وجهها، ورمتني بنظرة متوعدة سأعرف سببها بعد قليل، وقف أبي قبالتها وحياها فلم ترد على تحيته، بل قالت بعصبية:
ـ إسمع يا سيد ياسين، ابنتك هذه لا أريدها في مدرستي، إنها تفسد أخلاق التلميذات.
أبي الذي لا يعرف عن ماذا تتحدث المديرة حتى تلك اللحظة ردّ عليها:
ـ يا حضرة المديرة، كيف لهذه الطفلة الصغيرة أن تفسد أخلاق التلميذات؟
علا صوت المديرة بحنق:
ـ هل تعاشر نساءك أمام مرآى ابنتك يا رجل؟ هل تضعها في السرير عند المعاشرة؟
شعر أبي بارتباك والتفت إليّ فغضضت النظر، بدا وجهه مخطوفاً، أظنه كان يبحث عن كلمات لم يجدها فقال كلمة واحدة:
ـ أنا؟
ردت المديرة ساخرة:
ـ وهل أتكلم مع رجل غيرك في هذه الغرفة؟
صمت أبي لأنه مايزال يبحث عن كلمات، فاستأنفت المديرة:
ـ ابنتك هذه تحكي للتلميذات بأنك كل ليلة............
(رِيام وكفى) رواية جديدة للكاتبة هدية حسين، صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت ب 216 صفحة من القطع المتوسط.. لوحة الغلاف للفنانة العراقية وسماء الأغا.