أنت هنا

$2.99
SMS
اشتري برسالة قصيرة من (مصر, العراق , الاردن )
جسر على وادي الرماد

جسر على وادي الرماد

0
لا توجد اصوات

الموضوع:

تاريخ النشر:

2009
مكتبتكم متوفرة أيضا للقراءة على حاسوبكم الشخصي في قسم "مكتبتي".
الرجاء حمل التطبيق المجاني الملائم لجهازك من القائمة التالية قبل تحميل الكتاب:
Iphone, Ipad, Ipod
Devices that use android operating system

$2.99
SMS
اشتري برسالة قصيرة من (مصر, العراق , الاردن )

how-to-buy.png

نظرة عامة

أما الوادي فهو رماد أوراق أعمار الحيارى اللاهبة في سيل التيه اللائب ولربما أشار إلى حرائق الوطن ورماده..، وأما ضفتا الوادي فشاطتا إيمان، إيمان شاب وإيمان كهل، والجسر محاولة وصل ما قطع وادي التيه بينهما من آصرة لفحتها النيران، وتركت فيها ندوبا تستعصي على النسيان، ومحاولة للاستعلاء على كيد الشيطان واللواذ بمغفرة الرحمان، سموا على حريق الروح ونزيف الفكر اللذين خلفا رمادا شعريا سال متتابعا في أوراق: (الترجل عن صهوة البراق، فارتسامات اُولى لوجه البحر، فحجر الحكمة) وربما في أوراق أخرى دفينة أو شتيتة، ولربما المح الجسر إلى وسيلة إنقاذ وعبور على وادي الحرائق والرماد،وإحدى محطات الضفة الأولى حوار مضمخ بحب وعتاب إلى رمز الشعر الإسلامي في العراق ورائده وليد الأعظمي رحمه الله، في لقاءاتنا في سنوات الستينات الأول في بغداد، عتاب يسأله أن يبذل من الجهد باتجاهَي التأصيل والتجديد (لاسيما التجديد) ما يكافئ قدره الذي كتبه الله له: شاعر الدعوة الإسلامية الأول، وكان الألم يعتصرنا معا: يشكو هو من ضيق عيش وبيت وشح وقت، وأشكو أنا لين آلة، وغبش رؤيا، وضباب طموح يتضح في مقدمة حالمة كتبتها لديواني الأول (أول الطريق) الذي ظل مخطوطاً، أثبتها كما هي أمانة لتاريخ فني فيه عيوب التجارب الأولى كما أشار بوضوح أخي الأستاذ الدكتور فاضل صالح السامرائي بارك الله في عمره، في مقدمته التي تعلن عن تجربة شعرية غضة تأخذ حظها الأوفى من التقليد، وتتشوف أحياناً إلى الجديد.
وكان الأخ الكريم فاضل السامرائي محطتي الثانية على الضفة الأولى، محطة حافزة مقلقة، إذ هجر الشعر بذريعة أن العصر الأدبي – أي عصر – لن يترك في ذاكرته من أسماء الشعراء الكبار إلا ما يعد على أصابع اليد الواحدة فأولى بمن يطمح إلى الصدارة في الأمور، أن يدع سبيلاً محفوفة بالمخاطر والشكوك إلى سبيل واضحة موصلة، ولكن هيهات أيها الأخ العزيز فبذرة الشعر قد نبتت في الأعماق، وما لا يدرك كله لا يترك ما يدرك منه، وإن كان الزاد وشَلاً في الموهبة، وضعفا في الأداة، وإصراراً ودعاءً إلى الله بالتسديد.
وها أنا أثبت بشجاعة غادرها التواضع مقدمتينا القديمتين مشفوعتين بقصائدي الصبية، مالها وما عليها مؤرخة لمرحلة من الدعوة والفن.. وبعد ما يقارب نصف القرن، مازال السؤال المفارقة يلم بي: أقدر على جموح الشكل الفني أن يكون وليد جموح الروح والفكر، وأن تستنبت ثوابت الفكر ثوابت الشكل؟ كما بدا في العديد من قصائدي ومن قصائد إخواني شعراء الدعوة الإسلامية؟
أقدر على شعراء الإسلام – بل على كل أدبائه وفنانيه – أن يعانوا الموازنة الصعبة بين ما هو فكر وما هو فن، وأن تبقى الموازنة قلقة تترجح بهم بين إفراط وتفريط، بين جمهور يطلب اللغة المتداولة والمعنى البسيط والصورة المألوفة، ومتعة فن يستدعي خيالاً قد يشتط ويجلب من الأدوات والصور ما هو أهل للتوظيف، أو ما هو مفتاح خارج عن التأهيل والتصنيف.

(من مقدمة المؤلف)