أنت هنا

قراءة كتاب (الخطر القادم) سلوك المشاغبة في البيئة المدرسية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
(الخطر القادم) سلوك المشاغبة في البيئة المدرسية

(الخطر القادم) سلوك المشاغبة في البيئة المدرسية

 كتاب "(الخطر القادم) سلوك المشاغبة في البيئة المدرسية" نظمت محتوياته في ثمانية فصول عرضت بشكل مبسط لتساعد الوالدين والباحثين القادمين في مجال علم النفس والصحة النفسية و كل من له علاقة بالعملية التعليمية.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 1
مقدمة الكتاب
 
الحمد لله رب العالمين، حمدا كثيراً طيباً مباركاً والصلاة والسلام على أشرف خلق الله وصفوة بني ادم محمد رسول الله النبي الأمي الأمين صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبه أجمعين وبعد...
 
شهدت نهايات القرن العشرين وبدايات القرن الواحد والعشرين تزايد وانتشار ظاهرة من أخطر الظواهر الإنسانية المعاصرة في كل دول العالم المتقدم والنامي، وهي ظاهرة المشاغبة Bullying ، فهي قضية بحاجة إلى أن يتم مواجهتها من قبل المجتمعات الدولية وفي كافة المؤسسات التربوية وغير التربوية، ومما يزيد من خطورة هذه الظاهرة سرعة انتشارها وزيادة معدلاتها خاصة وأن تلك الفئة والتي تعرف باسم المشاغبين يحاولون اكتساب القوة أو الحصول عليها بشتى الطرق والوسائل، وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على تدنى مستوى تلك المجتمعات من النواحي النفسية والاجتماعية وغيرها، فسلوك المشاغبة هو سلوك متعلم وهذا يزيد من خطورته.
 
وتحتل المؤسسات التربوية مقدمة المؤسسات المعنية بمواجهة هذه الظاهرة، خاصة وأننا في وقت ننادي فيه باحترام قيمة المتعلم وتعزيز مكانته الاجتماعية والنفسية في كل من المنزل والمدرسة والمجتمع تحت شعار جودة الحياة وجودة التعليم حتى يصبح هذا المتعلم نموذجاً لشاب صالح يحقق ما هو مراد ومتوقع منه، إلا أننا نجد أن نسبة انتشار التلاميذ المشاغبين في تزايد وبالتالي يزداد عدد الضحايا، فسلوك المشاغبة قد تخطى حدود التلاميذ وبدأ يتجه من التلميذ المشاغب نحو المعلم ونحو أفراد المجتمع الآخرين خارج نطاق المدرسة. وحينما نكون بصدد الحديث عن المدرسة بحسبانها مؤسسة اجتماعية للتربية فإننا بذلك نكون مقبلين على تناول إحدى دور التنشئة الاجتماعية الهامة والهامة جداً والتي تحظى بنصيب الأسد في بناء فكر الإنسان وإعداده لمواجهة الحياة بكافة ضروبها وأصنافها وأطيافها. والمدرسة عموماً تمثل موقعاً أساسيا في حياة الفرد طفلاً كان أم مراهقاً فهي التي تحتضن اخطر مراحل النمو وأشدها تأثيراً على حياة الفرد وهي مرحلة المراهقة. كما أنها هي الجهة التي تشترك مع الأسرة في بناء شخصية الأفراد وتوجيههم ورعايتهم على كافة الأصعدة التربوية والنفسية والاجتماعية والثقافية وغير ذلك مما أضاف لها قيمة عظمى في حياة البشرية علاوة على أنها تشكل عقيدة الأفراد المعرفية من خلال كمية التفاعلات الاجتماعية التي تحتضنها البيئة المدرسية سواء تلك التفاعلات التي تحدث بين الأقران بعضهم البعض أو بين التلاميذ ومعلميهم. وتعتبر المشاغبة Bullying أو كما يطلق عليها البعض المشاكسة أو الإساءة للأقران Peer Abuse إحدى المشكلات التي باتت تخيم على مدارسنا بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، وهي إحدى الظواهر التي تقوم على الاستبداد والقهر والذل، وتتجلى حينما يستأسد أحد التلاميذ الأقوياء على تلميذ آخر لا حول له ولا قوة، فيمارس عليه سلوكياته الايذائية فيقهره ويحبطه ويستغله، وتكون النتيجة الحتمية هي وقوع هذا الضحية فريسة سهله للأمراض والاضطرابات النفسية والتي قد تدفعه في نهاية الأمر إلى الانتحار.
 
ولقد أكدت العديد من الدراسات والبحوث التي أجريت في مجال سلوك المشاغبة بين التلاميذ أن هناك علاقة قوية بين ممارسة سلوك المشاغبة أثناء سنوات الدراسة وبين كون الفرد خارجاً عن القانون بعد ذلك، إذ يقوم المشاغب بعد بلوغه مرحلة الشباب بمشكلات إجرامية، فلقد توصلت إحدى الدراسات إلى أن أكثر من 60% من التلاميذ المشاغبين في سن التاسعة أصبح كل منهم خارجاً عن القانون في سن الرابعة والعشرين. إن تفشي ثقافة المشاغبة بين تلاميذ المدارس بمراحل التعليم المختلفة لها أثر بالغ وطويل المدى على كل من المشاغب والضحية، فالتلميذ ضحية سلوك المشاغبة يتولد لديه شعور قوي بالتعاسة واليأس من الحياة وتصبح استجابة الخوف لديه استجابة راسخة في حياته اليومية، بل قد تتفاقم هذه الاستجابة لتصل عند الضحية إلى درجة الهروب من الأماكن التي من المحتمل أن يتواجد فيها التلميذ المشاغب، فيتغيب عن المدرسة ويحرم نفسه من كافة الأنشطة الاجتماعية، فيشعر بالكآبة ويفقد تقديره لذاته ويشعر بأنه إنسان بلا قيمة تنتابه مشاعر الضعف والدونية، فيحتقر ذاته ويشعر في كثير من الأحيان بأنه سيء ويستحق العقاب فيصبح أسيراً للقلق والاكتئاب والتوتر والوحدة النفسية وتلازمه أمراضاً سيكوسوماتية وربما يتطور الأمر ليفكر بجدية في إنهاء حياته هروباً من هذا العالم الظالم،  كما أن التلميذ المشاغب يتأثر أيضا بأفعاله هذه، فالتلميذ المشاغب إذا ما مارس سلوكياته الايذائية بحصانة من قبل مدرسته وإدارتها فإننا نعده بذلك ليصبح راشداً مشاغباً ثم ينجب أطفالاً مشاغبين بطبعهم وبهذا تتوارث المشاغبة جيلاً وراء جيل لتصبح ثقافة سائدة في المجتمع.

الصفحات