قراءة كتاب قطار الحب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
قطار الحب

قطار الحب

تشكل مجموعة الكاتب الليبي صلاح الحداد القصصية "قطار الحب" نموذجا اخر من عدة اعمال لمهاجرين عرب يصح ان تندرج على تفاوت جودتها واختلاف موضوعاتها تحت مظلة مشتركة تكمن في عنوان رواية الطيب صالح الشهيرة «موسم الهجرة الى الشمال».

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1
-1-
 
في يوم استثنائي من أيام شهر يناير القارس، سطعتْ الشمس على مدينة دبلن، وضرَبتْ بخيوط أشعتها المتلألئة وجْهِيَ الملفوف بأحزان الليل، والمتخمر بآلام الغربة· كان صباحا مشرقا باسما·
 
أفقتُ من نومي، وغضبُ الذكريات والأحلام يرتسم على شفتي، مرتعشا وكأنَّ أحدا وخزني بمخلب ذئب مفترس، ناظرا عبر نافذتي المطلة على جبال المدينة المتموجة المكفهرة ؛ فرأيت قرصَ الشمس وهو يعانق رأس الجبل عناقا حاراً، وكأنهما عروسان يتأهبان لقضاء شهر العسل· فقلت في نفسي: إنه حقا شيء لا يكاد يصـدق!
 
دلكتُ عينيَّ جيدا، إذ ربما يكون ذلك حُلما شيطانياً كما هي العادة· لكنني أحسستُ أن روحي تتصاعد نحو ذلك المشهد الخلاب· أحسستُ أن شيئا ما يجذبني·· شيئا ما يحركني ويهزني؛ فارتديت ثيابي وخرجت مسرعاً· إنها فرصتي، التي سوف أغتسل فيها من أدران همومي وأحزاني، وأتخلص فيها من أشباح الموت، التي ظلت تلاحقني في كل مكان·
 
لم يكن أمامي سوى الاتجاه إلى البحر، وتحديدا إلى مكاني المفضّل فيه ؛ أي إلى مرفأ الهوث (HOWTH HARBOUR)(1) شمالي العاصمة دبلن· مرفأ السكون والسكينة والبراءة والنقاهة· هكذا أسميه، وهكذا أنظر إليه· حيث الرياح الشمالية، التي تهب عابثة بالنوارس البيضاء النقية، وحيث الأمواج المتراقصة على أنغام السفن العابرة·
 
إنه المكان الوحيد، الذي ألوذ به، حينما تضيق عليَّ الدنيا بما رحبت·· حينما تكفهر وجوه البشر، وتكشر الأحزان عن أنيابها ؛ فتنغرس كالسهام المسمومة في نفسي·· حينما يتحشرج الموت في شراييني، ويتفجر الدم في عروقي، ويضيع الوطن في عقلي·· حينها لا أجد ملجأ سواه ؛ لتسكين آلامي الهائجة وهمومي المائجة كالبحر· أشعر حينها بالطمأنينة·· أشعر أن ثمة شيئا في الكون يشبهني·· أن ثمة عنفوانا يؤنسني في هذا المجهول السحيق·

الصفحات