أنت هنا

قراءة كتاب إنزياحات أخرى

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
إنزياحات أخرى

إنزياحات أخرى

من خلال كتابه " انزياحات أخرى "  الصادر عن دار فضاءات للنشر والتوزيع في عمان .جاء الكتاب معنونا بـ " نصانيات"، وهو اقتراح شكل وبنيوي جديد ، يطرحه الدكتور محمد الأسدي ، رافعا لغته النثرية إلى أقصى درجات الشعر ، ومخلصا شعريته من روحها لتنـزل على النثر ضيفة رب

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 10
[[ 2 ]]
 
النصّانية وخطاب المغايرة العربي
 
مدخل إلى فلسفة الكتابة
 
ـ 1 ـ
 
يَخْتَطُّ الشعرُ في خطابِ ما بعد الحداثةِ سيرورةً تتموضَعُ في السؤالِ المفارق ، فالمنعطفات الكبرى للنص أخذت تُبرِز ـ منذ بودلير ـ الطابعَ الجدليَّ لذلك السؤال وتلك السيرورة ، ما تزال الكتابةُ تفكك لوغوسها بعد تخليقه معيدة تَشَكُّلَها في حقل واسع من التجريب لا يحده سوى أفق الرؤيا ، لم تعد أية قوة خارج نصية قادرة على التنبؤ بما ستفرزه اللحظة الإنتاجية القادمة ، وانجزرت البيروقراطيات الخارج نصية أمام مد التجريب المتنامي ، وفي خضم هذه التحولات الجوهرية أكدت كائنات النص الفائق كينوناتها العصية على الإعاقة والمراقبة والمعاقبة والانتفاء وسائر بروتوكولات لام الجحود .
 
تترعرع في المشهد الشعري العربي الراهن تمفصلات محتفية بالهجنة والمثاقفة وانفتاح النص الشعري على النصوص والأجناس وحقول الابستمولوجيا لتخليق النص الجديد على مشارف السؤال الفلسفي ، وهي تعد اختباراً تأريخياً لوجود الدرس النقدي الجاد ، القادر على الفرزنة والتمحيص ، المنعتق من تعاليم التثاؤب واستراتيجيات السبات .
 
لقد أضحى من الأهمية بمكان إلحاق الحقل الثقافي بحقول التنمية ، والنظر إلى الثقافة بوصفها إحدى أهم الصادرات القومية لا بوصفها مقولة استهلاكية أو زينة فائضة يمكن الاستغناء عنها ، فإبطاءً للانقراض والتقهقر الثقافي المستشري في الحضارات النامية أمام تسونامي العولمة الثقافية غدا من اللازم إيجاد حل جذري لخمول صناعة النجم الشرقية على الصعيدين العلمي والأدبي ونشوطها طربيا مما يجعل أدباء وعلماء ومثقفي العالم الثالث يبدون ـ استنادا إلى ضآلة ما يشغلونه من مساحة الخطاب الإعلامي السائد في بلدانهم غالبا ـ زوائد وطوارئ قليلة الأهمية مقارنة بصدارة ظواهر الاهتزاز والطنين التي تفترس العقل العربي ، ولابد لنا في هذا السياق من أن نستثني جهودا عربية مخلصة أخذت على عاتقها مهمة إخراج العقل العربي من مأزقه الحضاري والثقافي والإنطلاق به من المحلية إلى الكونية وتسليط الضوء على المثقف العربي بوصفه علامة حضارية مثل مؤسسة الشيخ زايد ومؤسسة العويس وهيئة أبو ظبي للثقافة والتراث ومؤسسة البابطين وأمثالها من الهيئات والمؤسسات الثقافية التي تضئ شمعة بدلا من لعن الظلام ، وهي تعد بحق ظواهر ثقافية عربية استثنائية .
 
فإن انتقلنا من أغلب الانهمام الإعلامي العربي العام إلى الخطاب الثقافي نفسه بين المشتغلين به وجدناه عالقا في دائرة مغلقة من المقايضات النرجسية والمزايدات الفئوية ، فضلا عن تسطح النقد وغلبة الخطاب النقدي الفوضوي / الراديكالي على الخطاب النقدي المنهجي ، وندرة النقاد الحقيقيين ، في مقابل سخاء براغماتي غير مسبوق بإسباغ صفة الناقد وحرص مماثل على تقمصها ، ولمثل هذه الفوضى غير الخلاّقة سببان لا ثالث لهما :

الصفحات