أنت هنا

قراءة كتاب العيش خارج الزمن

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
العيش خارج الزمن

العيش خارج الزمن

المجموعة القصصية "العيش خارج الزمن"؛ لا تدري أين تذهب بل إنه لا يمكن أن يوجد هناك أي مكان على وجه هذه البسيطة يمكن أن تذهب إليه. تقفل راجعاً من حيث أتيت. تنظر إلى اللوحات المضيئة في الشارع وكأنها تبتلعك. لا تدري ما تفعل.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1
فرحة لم تكتمل
 
لا تتذكر شيئاً البتة بما حدث لك· كل ما تستطيع استحضاره الآن هو أنك كنت تقود سيارتك بأسرع ما تستطيع ثم ارتطمت بشيء خرساني صلب ، ولم تحس بشيء بعد ذلك· حتى الألم لم يعد له وجود الآن· وقت تعيشه خارج الزمن·
 
حالة من الاسترخاء العجيب تسيطر عليك· تفريغ سريع وخارق لكل ما يثقل القلب من متاعب· انقشاع وزوال مذهل لكل ما كان يحجب العقل من جدران وسواتر· خفة عجيبة وانطلاق هادئ نحو الفضاء الواسع بلا قيود·
 
تنطلق إلى أعالي المكان بسعادة كبيرة· تغض الطرف عما يحدث أسفل المكان· تنظر شزراً نحو الأسفل· صور ضبابية شتى تدور في مخيلتك حول أناس يهرعون إلى جسم ممدد على الأرض دون أن تدرك السر الكبير وراء اندفاعهم نحوه· تنظر إلى الجسم الممدد وتستغرب دقة التشابه بينه وبينك· تسفّه صنيعهم هذا بإيمائة من رأسك ؛ إذ لا سبب واضح يدفعهم إلى مثل هذا الأمر· تتسائل عن سرهم العجيب وتنتظر قليلاً في عليائك لتتابع ما يحدث·
 
تنظر إلى مجموعة من الرجال البيض يحملون شخصاً يشبهك إلى حد كبير· تتساءل عن وجهتهم وتصر على متابعتهم فتبقى كذلك تراقبهم كما لو كنت فوق طائرة مروحية يحسبونها جامدة وهي تمر مر السحاب فوق رؤوسهم·
 
تنادي عليهم بأعلى صوتك وأنت تحوم فوق رؤوسهم· لا أحد يسمعك· تضحك من جهلهم بمكانك· تتساءل عن سبب اهتمامهم بهذا الجسد المسجى على السرير· تصرخ في وجوههم ولا أحد يكترث بالأمر· تتضايق قليلاً لكن السعادة الحقيقية التي تحس بها الآن تهوّن عليك كل شيء ، بل إنها تكاد تمسح من ذاكرتك كل ما عرفته ومالم تعرفه·
 
يدخلون إلى غرفة كبيرة· تدخل معهم وتبقى معلقاً في سقف الغرفة تراقب ما يحدث بابتسامة ساخرة لا تجد لها تفسيراً· لا يضيرك هذا ما دمت تنعم بهذه النعمة الكبيرة التي خلصتك من سلاسل القيد التي أدمت قلبك· تستغرب جهلهم بتواجدك أعلى الغرفة· تنادي أحدهم لتختبر معرفتهم بتواجدك دون جدوى· ترفع صوتك ولا من مجيب· تتضايق قليلاً· لا أحد يدرك أن هناك شخصاً يتحدث·
 
تجمهر مجموعة من الأشخاص و كوّنوا دائرة حول الجسد الممدد على السرير· كلّ في شغلٍ غافلون· تحاول أن تغادر الغرفة لتنطلق إلى عالمك الفسيح الواسع لكن قوة مجهولة تجبرك على الانتظار· تحاول أن تفهم ما يجري حولك· تنزل قليلاً نحو الأسفل وتحاول أن تربت على كتف أحد هؤلاء المنهمكين دون أن يلتفت إليك· تحاول أن تستفزه بالتحديق في وجهه ولا يكاد ينتبه· تتضايق قليلاً· تركله برجلك على مؤخرته بعنف دون أن يأبه بك· ترتفع إلى أعلى محاولاً الهرب خارج الغرفة من جديد ولا من سبيل· تقف معلقاً ما بين السماء والأرض· تختلط عليك الأمور· مرة تنزل نحو الأسفل ومرة ترتفع إلى الأعلى· حالة من عدم التوازن· تحاول أن تحرك رأسك بقوة لتنفض عنه الغبار الذي علق به· تنزل بسرعة كبيرة نحو الأرض إلى الدرجة التي جعلتك تستلقي فوق الجسد الممدد على السرير· ترتفع مرة أخرى إلى السقف فيصطدم رأسك بالحاجز الإسمنتي دون أن يشعر بك أحد·
 
تتضايق من تجاهل هؤلاء لك وإعراضهم عنك· يتخاطبون مع بعضهم البعض كما لو كانوا يدبرون شيئاً لهذا الجسد المسجى أمامهم· تتساءل عن سر التناقص التدريجي لحالة الانطلاق الحر التي عشتها للتو· ما هذه المنغصات التي تود أن تحرمك هذا النعيم ؟
 
ثقل عجيب يتعب كاهلك· تنزل تدريجياً نحو الأسفل· ما بال هؤلاء الأشخاص لا يفقهون حديثاً· أنت ! هل تسمع ؟ تحاول أن تخاطبهم ولا من سبيل· تستقر على الجسد الممدد وتنطبق عليه تماماً دون أن يلحظ أحد ذلك· تعود تلك الكوابيس المزعجة· يملأ الهم قلبك· أحدهم يربط رجليك ببعض القيود· تسمع لغطهم وهم يغادرون المكان· ألم هنا وألم هناك· تفتح عينيك وترى مالا ترغب أن تراه·

الصفحات