أنت هنا

قراءة كتاب للحياة لون آخر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
للحياة لون آخر

للحياة لون آخر

المجموعة القصصية "للحياة لون آخر"؛ ليلة مترعة بالذكريات. منذ خيطها الأول الذي انتظم بهدوء وسلاسة يحكي ويحكي، يقص علينا القصص ويلهمنا الأشجان المندثرة، تحط برجلك اليمني عالمي بعد أن حططت برجلك اليسرى بيتي.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1
(تمكُن)
 
قبل أن أصل إلى مبنى المستشفى عبرت بي الذاكرة إلى هناك، حيث كان يجلس على كرسي جلدي فاخر وأكثر ما جلبت ذاكرتي المتعبة تلك النظرات المتحفزة وكأنها جيش متورم بالحماس، أما صوته فلم يشرح ذاكرتي صوت قبله وكنت كلما احتجت استدعاء شيء منه أجز على أسناني خوفاً من تدفق سيل كلماته بذلك الصوت المستفز· أما رائحته التي كانت تضع أمام عينيّ عناوين كبيرة صعبة وتمهلني وقتاً كافياً لقراءة ما تحت العناوين تجعلني أحاول كتم أنفاسي، فلم أعد أحمل قدرة على قراءة عناوينه الصعبة المخيفة، أحاول ألا تصل رائحته إلى أنفي وإن وصلت رغماً عني أجهد في إذابة ذاكرتي عندما تقتحمني عناوينه الصعبة وأجهد بعد ذلك ألا أتذكر شيئاً من ماضيه الذي أختزله بعناوين كبيرة صعبة كي يتملك أكبر مساحة ممكنة من عقلي·
 
لثمتني رائحة المستشفى المتميزة ذكرتني بزيارتي الأخيرة له، اخترت هذا الوقت المبكر لزيارته لعلمي أنه سيكون بحاجة إلى أحد في مثل هذا الوقت·
 
في زيارتي الماضية له كنت أقول له كلاماً كثيراً، كنت أحس أنه يسمعني جيداً وبوضوح وحذر رغم أني لم أنطق حرقاً واحداً سوى كلمات المجاملة المعتادة· في زيارتي الماضية كان الجميع يهذون بكلمات وأحاديث متنوعة، وكانت نظراتي تتسلل عبر كلماتهم إلى أذنيه وأظنها تنحو بعيداً نحو أيامه الماضية، أعترف أني كنت سيئاً كنت أتعمد إيجاعه بنظراتي الممتلئة التي يفهمها جيداً خاصة عندما تمرق بين كلماتهم متجاوزة كل محاولاته لصدها عبر إيهامي أنه يتابع أحاديث الآخرين·
 
أتذكر جيداً عندما خرج الزائرون من غرفته وكنت آخرهم ورمقته بنظرة عجلى موجعة فتقت بها جرحي الذي كان يتعهده دوماً بالإيجاع، كنت أريده أن يعلّ من دمي النازف الذي كان يتمناه ذات يوم، لعله يتذوقه قبل أن يموت ليعلم كم كان يعذبني عندما كنت أراه يطرح مثل هذه الأمنية ويعمل لها عبر طرق عديدة أهونها علي كان أن يشرب من دمي مباشرة·
 
أعود اليوم لزيارته باكراً لا لأكفر عن نظراتي الموجعة التي كنت أرسلها له في زيارتي الماضية بل لأمر جديد طرأ علي بعد زيارتي الماضية له، فقد قررت أن أخبره بحديث مباشر وبكلمات يعلو بياضها عن كل ما أودعه في قلبي من أعاصير جامحة اغتالت فيما اغتالت ذراتي الصغيرة البكر وطفولة نفسي البريئة، كنت أوده أن يودع الدنيا بعد أن يحنو قامته لعل قلبي يعفو ويصفح·

الصفحات