أنت هنا

قراءة كتاب الخداع الإسرائيلي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الخداع الإسرائيلي

الخداع الإسرائيلي

هذا الكتاب يعرض للتضليل والخديعة، التي حاك العدو خيوطها لإفشال مفاوضات كامب ديفيد، بلغة علمية تمسك بكل التفاصيل ولا تغفل مصدراً صحفياً دون أن تفلّيه وتحفر فيه عن الحقيقة التي سرعان ما اهتزت في وعينا وذاكرتنا الضعيفة.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1
مدخل
 
قام الصحافي الإسرائيلي عكيفا الدار بزيارة إلى الرئيس ياسر عرفات في مقره المحاصر في رام الله يوم 12/6/2002، وأدار معه حديثا سياسيا حول العديد من الأمور، ثم نشرت صحيفة هآرتس في اليوم التالي ما وصفته بأنه مقتطفات من مقابلة أجراها مراسلها مع عرفات، وتم الترويج للمقابلة حسب عنوان أساسي يقول إن عرفات أعلن قبوله بخطة الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون (ورقة كلينتون) التي عرضها على الفلسطينيين والإسرائيليين في 23/12/2000 في البيت الأبيض· وأوحى العنوان الذي نشرت به الصحيفة مقتطفات المقابلة أن عرفات كان يرفض اقتراح كلينتون وهو الآن يقبل به متأخرا، ويتم الاستنتاج من سياق الخبر والظروف المحيطة به أن عرفات يقبل خطة كلينتون تحت الضغط الإسرائيلي، وبسبب الحصار (الأسر) المضروب عليه· وقد جرى الترويج لهذا النبأ بالارتباط مع نبأ آخر يقول إن عرفات أسقط مطالبته بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة·
 
وإذا عدنا إلى وقائع ما هو منشور من مقتطفات المقابلة، نجد أن الصحافي وجه لعرفات سؤالا محددا: هل تقبل خطة السلام التي طرحها كلينتون؟وكان جواب عرفات: نعم· أقبل· هل يمثل هذا القبول موقفا سياسيا جديدا؟ وهل ينطوي هذا الموقف على تراجع من عرفات؟ الوقائع تنفي ذلك، فعرفات أبلغ الرئيس الأميركي بيل كلينتون عندما استقبله في البيت الأبيض (2/1/2001 ) أنه يقبل خطته مع بعض التحفظات، والرئيس كلينتون نفسه أعلن قبل انتهاء ولايته بأيام أن عرفات (وباراك) قبلا مبادرته مع بعض التحفظات لكليهما· واستنادا إلى ذلك لا نستطيع أن نوافق مع الصحيفة على تصويرها للأمر بأنه تراجع من عرفات، أو قبول تحت ضغط الحصار المفروض عليه، على عكس ما برز في هذه الحملة الإعلامية·
 
أما بشأن النبأ الآخر القائل بأن عرفات تنازل عن مطلب حق العودة للاجئين، فإننا لا نعثر في مقتطفات المقابلة على أي قول رسمي لعرفات بذلك، إنما نعثر على استنتاجات من الصحافي أو من الصحيفة· استنتاج من الصحيفة يقول إن قبول عرفات خطة كلينتون التي طرحت قبل 18 شهرا، يعني تحولا رئيسيا في موقفه، لأن الخطة تسقط حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم في إسرائيل واستنتاج ثان من الصحافي نفسه والذي قال إن عرفات لم يشر إلى حق العودة، لكنه قال إن التوصل إلى حل لمشكلة 350 ألف لاجىء في لبنان له أولوية واستنادا إلى ذلك، لا نستطيع أيضا أن نوافق مع الصحيفة على ترويجها بأن عرفات تراجع عن مبدأ حق العودة، وعلى عكس ما برز في الحملة الإعلامية·
 
إن هذه الحملة الإعلامية ليست جديدة، وهي حملة شرسة ومتواصلة، تعود بشكل محدد إلى اليوم الذي تلا فشل مفاوضات كامب ديفيد (26/7/2000)، فمنذ ذلك اليوم برزت ثلاث اساطير إعلامية مترافقة مع الظروف والمتغيرات:
 
الأسطورة الأولى: أن الفلسطينيين هم الذين أفشلوا مفاوضات كامب ديفيد، برفضهم للعرض السخي الذي قدمه لهم الوفد الإسرائيلي برئاسة إيهود باراك، عرض الإنسحاب من 95% من الأرض حسب الترويج السائد·
 
الأسطورة الثانية: أن الفلسطينيين رفضوا ورقة كلينتون التي عرضها بعد مفاوضات كامب ديفيد، وأن الإسرائيليين قبلوها·
 
الأسطورة الثالثة: أن المفاوضات التي جرت في طابا، بعد تخلي الرئيس الأميركي عن منصبه، حققت اختراقا لا سابق له، ولكن سقوط باراك في الانتخابات أمام آرييل شارون زعيم الليكود، ضيع فرصة ذلك النجاح·
 
إن هذه الأساطير الثلاث لا تزال تعيش معنا حتى اليوم، وآخرها حملة صحيفة هآرتس، الأمر الذي يقتضي دراسة هذه المحطات الثلاث، واستكشاف الحقيقة حولها، ونزع الزائف منها، وذلك من أجل تأكيد ثلاث حقائق:
 
الحقيقة الأولى: إن إسرائيل هي المسؤولة عن فشل مفاوضات كامب ديفيد، لأنها رفضت التعاطي جديا مع المطالب الفلسطينية الأساسية، وتعاملت مع المفاوض الفلسطيني بطريقة: إما القبول أو الرفض·
 
الحقيقة الثانية: إن الموقف الفلسطيني من ورقة كلينتون كان شبيها إلى حد كبير بالموقف الإسرائيلي، القبول مع التحفظ، وإذا كان لا بد من القول بأن ورقة كلينتون قد رفضت، فإن ذلك يصح على الإسرائيليين مثل الفلسطينيين، ولا يمكن حصره بالفلسطينيين وحدهم· يقول جلعاد شير مستشار باراك في كتابه حول مفاوضات كامب ديفيد، إن نقاشا جرى في المجلس الوزاري في 27/1/2001 حول ورقة كلينتون، وأن باراك قال في تلك الجلسة لست أنوي التوقيع على وثيقة تنقل السيادة على الحرم (القدسي) إلى الفلسطينيين
 
الحقيقة الثالثة: إن مفاوضات طابا لم تتضمن أي اختراق، ولم تتطور نحو تغيرأساسي في الموقف الإسرائيلي، أو نحو تراجع أساسي في المطالب الفلسطينية، وهي لا تستحق ما اثير حولها من ضجة، إلا من زاوية الصراحة التي تميزت بها المفاوضات، صراحة الطرفين في التخاطب، وفي الاستعداد لبحث كل مشكلة، من دون أن يعني ذلك الوصول إلى حلول أو اتفاقات فعلية·

الصفحات