أنت هنا

قراءة كتاب الكويت من التحرير إلى الإختلال

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الكويت من التحرير إلى الإختلال

الكويت من التحرير إلى الإختلال

كتاب "الكويت من التحرير إلى الاختلال"، هذا الكتاب هو الجزء الثالث من سلسلة مكونة من ثلاثة أجزاء تتناول في مجموعها تاريخ الكويت السياسي منذ النشأة حتى نهاية العام 2012، ويتحدث هذا الجزء عن الفترة الممتدة من تحرير الكويت (من الاحتلال العراقي) في السادس والعشر

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 9

نقلق على مستقبلنا لكننا لا نخاف

ترك تفكك الاتحاد السوفييتي وانشغاله بأزماته الداخلية فراغاً كبيراً في عالم شكلّت (الحرب الباردة) ملامحه على مدى الـ45 عاماً الماضية، دفع هذا الفراغ نشاط الاتحاد الأوربي في البروز كقطب عالمي منافس للولايات المتحدة، وبدأ الأوربيون بتفعيل اتفاقات تزيل الحواجز التجارية بين دولهم في نوفمبر 1993، أما الولايات المتحدة، فكانت تفرض هيمنتها على منطقة الشرق الأوسط وأصبحت عملية السلام بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل هدفها القادم، وبسبب أهمية الدور الأردني في هذه العملية، طالبت الحكومة الأمريكية دول الخليج والكويت بدعم السلطة الفلسطينية والمملكة الأردنية الهاشمية مالياً وسياسياً·
تسبب هذا الطلب في تفاقم الخلافات داخل الحكومة الكويتية، فرئيس الوزراء الشيخ سعد العبدالله يرفض التعامل مع (دول الضد) رفضاً قاطعاً، أما وزير الخارجية الشيخ صباح الأحمد فكان أكثر استعداداً للتعامل معها حرصاً على عدم عزل الكويت عن محيطها العربي أولاً، وردّ الجميل الأمريكي ثانياً، هذا ما جعله يعلن عن القواعد والمنطلقات التي تشترطها الكويت لإعادة علاقاتها مع الدول التي وقفت ضدها أثناء الاحتلال، وكان أهم هذه الشروط قيام حكومات هذه الدول بإدانة الغزو العراقي ورفضه، ورغم استبعاد السلطة الفلسطينية والأردن من هذه (المبادرة)، فإن الكويت قبلت الطلب الأمريكي بتقديم دعمها المالي لعملية السلام·
أتت هذه العملية بثمارها في الرابع من مايو 1994 حينما وقع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين أول اتفاقية تعطي للفلسطينيين حقهم في الحكم الذاتي، أيضاً نجحت الولايات المتحدة في شهر أكتوبر من نفس العام برعاية اتفاق السلام بينالأردن وإسرائيل، وقد شهد هذا العام زيارة وزير الخارجية الكويتي لكل من تونس والجزائر وموريتانيا والمغرب في خطوة جريئة نحو عودة علاقات الكويت بدول الضد·
وبينما كانت الكويت تتجه نحو إعادة علاقاتها بالدول الغربية والعربية، كان العراق يعيش في عُزلة خانقة بسبب العقوبات المفروضة عليه، لكن ذلك لم يُغير السلوك العدائي للقيادة العراقية، فـ استمر العراق في تحرشاته الحدودية بالكويت ولم يتعاون جدياً لحل قضية الأسرى والمفقودين الكويتيين والكشف عن أسلحة الدمار الشامل مما كان سينعكس على تقرير مبعوث الأمم المتحدة رالف إيكيوس، قامت القيادة العراقية بخطوة استباقية لهذا التقرير بحشد قواتها على الحدود الكويتية في السادس من أكتوبر 1994، وفي اليوم نفسه أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية (أن القيادة العراقية تبحث في اتخاذ موقف (جديد) يتيح للعراق التخلص من الحظر المفروض عليه)، ثم اتهم إيكيوس بأنه (يُبيّت نوايا مغرضة إزاء العراق بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية) و(أنه رغم موقف الأمم المتحدة، ورغم انعدام الثقة في التعامل مع رئيس اللجنة الخاصة (إيكيوس) وانعدام الثقة أساساً في بعض أعضاء مجلس الأمن نتيجة التجربة المريرة معهم فإننا سننتظر حتى العاشر من تشرين الأول أكتوبر الحالي، وبعدها سوف يتحمل كل ذي موقف مسؤولية موقفه)·
واجهت الكويت هذه التهديدات بجدية على عكس ما تم في السابق، فمنذ الساعات الأولى قامت الحكومة بالاجتماع مع مجلس الأمة وإجراء الاتصالات الدولية والعربية من أجل رص الصفوف استعداداً لأي عمل متهور يقدم عليه الجانب العراقي، وفي الثامن من أكتوبر ألقى رئيس الوزراء الشيخ سعد العبدالله بيانا تفصيليا للرد على التهديدات العراقية وتوضيح استعدادات الحكومة الكويتية لمواجهتها جاء فيه:
(كل من اطلع وتمعن في قراءة هذا البيان يجد أن من صاغ البيان أو وافق على إعداده يعرف أنه جاء مغالطاً للحقيقة والواقع وفيه الكثير من التجني على الكويت وعلى شعبها الصغير، جاء البيان ليتهم جهات دولية ويتهم الكويت بشكل خاص وبعض دول المنطقة بأنها - كما ورد في البيان - هي السبب في استمرار الحصار الاقتصادي على العراق والسبب في تجويع العراقيين، والكل يعرف أن هناك أسباباً كثيرة كان بإمكان رئيس النظام العراقي قبل أن يصدر هذا البيان أن يصارح الشعب العراقي بها وأن يقول للجميع إن السبب هو السلطة العراقية التي مازالت تتعنت وترفض تنفيذ جميع قرارات مجلس الأمن الدولي)
(هذا قدرنا وهذه مسؤوليتنا وسوف ندفع الثمن مهما يكن للدفاع عن كويتنا الحبيبة، فمنذ أن اطلعت الحكومة على فحوى البيان العراقي أسرعت إلى العمل في الميدان السياسي والعسكري، واتصلنا بكبار المسؤولين في الدول الشقيقة والصديقة وأطلعناهم على فحوى البيان العراقي وما تضمنه من نوايا تُشكل خطراً على الكويت أولا ودول المنطقة ثانيا، وأطلعنا أيضا رئيس مجلس الأمن على البيان الخطير حيث تفهم ما ورد فيه من عبارات تبرز النوايا العراقية العدوانية)
(إذا كان هناك من يقول الآن في العراق، إن الحصار الاقتصادي هو سبب موت الكثير من العراقيين فأنا هنا أطرح هذا السؤال ليصل إلى مسامع رئيس النظام العراقي ليقول لنا اسم مواطن عراقي مات نتيجة المجاعة·
ولكن في الوقت نفسه يقول للعالم كم عراقياً مات في سجون بغداد نتيجة للتعذيب والجوع والقتل الجماعي، ليقل لنا رئيس النظام العراقي كم مواطنا عراقيا بريئا صفي في شوارع بغداد، وفي خارج بغداد أيضا·
العالم يعرف: هل صحيح ما يدعيه رئيس النظام العراقي من أن المجاعة سببت الموت لكثير من العراقيين؟
نحن نعلم أن المستودعات العراقية مليئة بالمواد الغذائية ونعرف نحن والعالم أيضا أن المستودعات العراقية مليئة بالأدوية ولكن من أجل سبب ما في ذهن رئيس النظام العراقي يريد أن يُفهم العراقيين أن السبب في موتكم وموت أطفالكم هو الكويت بالدرجة الأولى وأمريكا بالدرجة الثانية)
(نحن نقلق على مستقبلنا ومستقبل بلدنا ومستقبل أولادنا وأحفادنا لكننا لا نخاف· هذا هو قدرنا ونحن مستعدون لأن نموت من أجل الكويت وإذا كان العراق يعتقد أنه بتحريك قواته هنا أو هناك يستطيع أن يولد الخوف والرعب عند الكويتيين فهذا اعتقاد خاطئ من أساسه)·
وصلت القوات الأمريكية والبريطانية في اليوم التالي فتراجع العراق عن تهديداته وقرر سحب قواته في العاشر من أكتوبر 1994، وفي الخامس عشر من الشهر نفسه أصدر مجلس الأمن الدولي قراره 949 بإدانة الحشد العراقي على الحدود الكويتية وطلب عدم تكرار ذلك فيالمستقبل مع التشديد على وجوب تعاون العراق مع لجان الأمم المتحدة، وفي العاشر من نوفمبر، أعلن المجلس الوطني العراقي اعترافه الكامل بسيادة الكويت وسلامتها الإقليمية واستقلالها السياسي وتأييده لقرار مجلس الأمن الدولي 833 لسنة 1993 المتعلق بترسيم الحدودالكويتية العراقية·

الصفحات