إن هذه القصائد، التي تنتمي لما بات يعرف بالشعر البديل، هي قصائد مغايرة، قصائد تعرضت، مع شعرائها، للإقصاء والتهميش من المؤسسة الثقافية الغربية، المرتبطة بالمؤسسة السياسية والإعلامية المتغولة، التي تسعى لتقديم صورة للغرب لا تعبر عن كامل المشهد، لتأتي هذه القص
أنت هنا
قراءة كتاب الشعر البديل
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 3
في مفهوم الثقافة الغربية البديلة: الهيب هوب Hip Hop نموذجاً
لا يوجد الشعر المناهض للتيار السائد في فراغ، بل يكون جزءاً عضوياً من ثقافة بديلة يغذيها وتغذيه، وفي مفهوم الثقافة البديلة تعرف موسوعة ويكيبيديا، أشهر موسوعة شعبية على الإنترنت، مفهوم الثقافة البديلة Alternative Culture، بأنها أي ثقافة تعيش خارج إطار أو على هامش الثقافة السائدة في المجتمع. وليس ضرورياً بهذا المعنى أن تكون الثقافة البديلة في المجتمع كلاً متجانساً، بل يمكن أن تتشكل من عدة منظومات ثقافية لا يربطها رابط سوى في كونها جميعاً مغمورة أو مهمشة اجتماعياً، مقارنةً بالثقافة السائدة. وليس بالضرورة حسب هذا التعريف أن تمثل الثقافة البديلة موقفاً سياسياً ذا رسالة محددة بالمناسبة، أو أن تشكل تعبيراً ثقافياً عن مشروع تغيير، كالواقعية الثورية مثلاً، مع أنها يمكن أن تمثل مثل ذلك الموقف أحياناً، بمقدار ما يمكن أن تمثل ردة أو حنيناً إلى الماضي.
ومن الأمثلة على الثقافة البديلة في الغرب ثقافة "الهبيي" Hippie (الخنافس) في الستينات، القائمة على التمرد على القيود الاجتماعية الضيقة المفروضة على السلوك الفردي في الخمسينات والأربعينات، والمتقاطعة سياسياً بشكل فضفاض، ولكن ليس دوماً، مع حركة مناهضة حرب فيتنام، وحركة الحقوق المدنية الداعية لمنح الأقليات حقوقاً متساوية.
ولكن في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات، بدأت الثقافة البديلة تأخذ منحى التأكيد على الهوية الخاصة بالأقليات العرقية المهمشة في المناطق الفقيرة في المدن الأمريكية. وبدأت تنتج بصورة تراكمية مشروعاً ثقافياً متكاملاً، من خلال مبادرات شعبية عفوية، لمقاومة التهميش وشطب الهوية الذي كانت تمارسه القوى المهيمنة في المجتمع وشركات الإعلام والإنتاج السينمائي والتلفزيوني. وهذا النوع من الثقافة البديلة بات يعرف باسم ثقافة الهيب هوب Hip Hop، وقد انتشرت انتشاراً كبيراً بشكلها العفوي خلال الثمانينات وبداية التسعينات حتى تمت إعادة إنتاجها تجارياً، وبالتالي مصادرتها سياسياً، من خلال نفس وسائل الإعلام والإنتاج السينمائي والتلفزيوني، ونفس القوى السائدة، التي جاءت ثقافة الهيب هوب للتمرد عليها في المقام الأول.