أنت هنا

قراءة كتاب الإعلام ليس تواصلا

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الإعلام ليس تواصلا

الإعلام ليس تواصلا

كتاب " الإعلام ليس تواصلا " ، تأليف دومينيك وولتون ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 1

المقدمة

التواصل تفاوض وتعايش

"الإعلام خلاف التواصل أو الاتصال". ما المقصود من وراء هذا التأكيد؟ إنه يعني بالنسبة إلى معظمنا أن الإعلام أمر جاد بينما التواصل ليس كذلك. ولذلك، يمكننا القول: نعم للإعلام ولا للتواصل الذي تحوم حوله على الدوام شبهة الإغراء والهيمنة . ذلك هو الروسم المترسخ في الأذهان. أما بالنسبة إلي فإن ما أصبو إليه هو إثبات عكس ذلك. إن التواصل أعقد من الإعلام لأسباب ثلاثة.

بداية، إذا اعتبرنا أن ليس للتواصل وجود من دون إعلام، فإن التواصل أصعب، دائماً، لأنه يطرح مسألة العلاقة، أي مسألة الآخر. هذا فضلاً عن عدم ضمان النتيجة إذ إن المرسِل قلّ ما يكون على صلة بالمرسَل إليه أو المتلقي. والعكس، أيضاً، صحيح.

من ثم، لأن هناك تناقضاً بين الشرعية التي يتمتع بها الإعلام والصورة المشوهة التي تلازم التواصل، بينما لم يسبق للبشر، أن أمضوا مثل هذا الزمن الطويل، منذ نصف قرن، في محاولتهم للتواصل فيما بينهم. كما لم يسبق، سعياً منهم لبلوغ ذلك، أن أنفقوا مثل هذا الكم من المال من أجل الحصول دائماً على تقنيات راقية. لماذا الحط من شأن هذا النشاط وانتقاده وتكريس هذا القدْر الكبير من الوقت والطاقة والمال؟ في النهاية، إن الحط من قيمة التواصل الذي لطالما سعى كل منا إليه في حياته الشخصية والمهنية والسياسية والاجتماعية هو حطّ من قدْر أنفسنا بالذات.

أخيراً، كيف يمكن لنا أن ننظر إلى الإعلام على أنه خير وإلى التواصل على أنه شر، في حين أن كليهما لم ينفصلا عن بعضهما بعضاً، طيلة قرنين، في كفاحهما من أجل الانعتاق الفردي والجمعي؟ ليس ثمة إعلام في ظل غياب مشروع للتواصل، لذلك هناك نوع من الفصام في هذه الإرادة التي تهدف إلى الذمّ بذا والمدح بذاك. أما فيما يتعلق بالتقنيات، من الهاتف إلى الراديو، ومن التلفاز إلى المعلوماتية، فإنها كانت، دائماً، تلعب دوراً أساسياً في الانعتاق الفردي والجمعي، ونجدها حاضرة أينما كان في حياة الجميع...

ولقد كان عملي يهدف منذ سنوات إلى عدم الفصل بين الإعلام "الجيّد" والتواصل "السيّئ" والتفكير، بالتالي، عليهما معاً. هذا مع التأكيد على المفارقة الراهنة ألا وهي أن توافر التقنيات إينما كان في عالم منفتح مشبع بالمعلومات، لم يعد يكفي لخفض التناقضات التي يتعثر بها التواصل.

الصفحات