قراءة كتاب الأصول المعرفية لمناهج البحث في الفكر الوضعي والفكر الإسلامي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الأصول المعرفية لمناهج البحث في الفكر الوضعي والفكر الإسلامي

الأصول المعرفية لمناهج البحث في الفكر الوضعي والفكر الإسلامي

يهدف هذا المساق إلى التعريف بالاصول والمرتكزات الفكرية ، والمرجعيات الفلسفية التي تقوم عليها مناهج البحث في الفكر الغربي،وبيان أن مناهج البحث ترتكز كليا على المقولات الاساسية التي تشكلها الرؤية الكلية وتصبغ عليها صبغتها ،وعليه يصبح القول بان هذه المناهج تقو

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 2

الفصل الأول

الإصول المعرفية لمناهج البحث في الفكر الغربي

أولا:التطور التاريخي للاصول المعرفية

لمناهج البحث في الفكر الغربي
تعد الفلسفة اليونانية القديمة هي الجذور الأساسية التي بنيت عليها المنهجية المعرفية فيما بعد عصر التنوير ، إذ أنه بعد ما حسم الصراع بين العلم والدين اللاهوتي لصالح العلم ، أصبح من الضروري شغل الفراغ الفلسفي-والمرجعيات المعرفية - الذي خلفه إبعاد الدين عن العملية المعرفية ، فاتجه فلاسفة ذلك العهد إلي الجذور الفلسفية اليونانية القديمة وأخذوا منها ما يتلاءم مع أفكارهم الجديدة وطرحوا ما يتعارض معها ، ومن ثم أخذوا في صياغة نظم معرفية جديدة أصلوا لها من مورثهم الفكري في الفلسفة اليونانية القديمة.
وتمثل جوهر فلسفة التنوير في النقد الاجتماعي بمعنى النظر إلي النظام الاجتماعي من منظور نقدي بواسطة النشاط العقلي، ولقد مهد فلاسفة التنوير بأفكارهم النقدية للمجتمع الأوربي لنشأة وتشكيل الحركات الفكرية والسياسية في القرن التاسع عشر والتي تعد مسئولة إلي حد كبير عن نشأة علم الاجتماع الوضعي.
ولقد كانت فلسفة التنوير استجابة للأوضاع المادية والفكرية والسياسية التي سادت في هذه الفترة حيث شهد العلم الطبيعي والتقدم الصناعي نشأة الأسس المادية في المجتمع الإقطاعي ذي النزعة الفلسفية اللاهوتية التي لا تؤمن بقدرة العقل ونشاطه ، وقد نادى فلاسفة التنوير بتغيير النظم الاجتماعية غير المتطابقة مع منطق التفكير العقلي ، وقد ساعد على ذلك التقدم الكبير في مجال العلوم الطبيعية والبيولوجية والتقدم الصناعي والتكنولوجي وما ترتب عليه من تغييرات واسعة في المجتمع .
ولقد هيأت الظروف مناخاً مواتياً لذيوع وانتشار فلسفة التنوير النقدية في أوربا وفي فرنسا بصفة خاصة، وظهرت الحركات الفكرية النقدية التي سادت مجتمعات أوربا حيث نجد ديفيد هيوم وآدم سميث " المفكرين الاسكتلنديين "وعبرت بعض الآراء الثقافية عن نقد فكرة القانون الطبيعي وقدم آخرون انتقادات للمجتمع البرجوازي في القرن التاسع عشر " الاشتراكية البريطانية " ، كما ظهر النقد الهيجلى في ألمانيا وكان له أثر كبير في تشكيل الجوانب النظرية والمنهجية في علم الاجتماع.
عموما كانت الفلسفة النقدية هي الفلسفة التي كانت تتزايد في مواجهة المجتمع التقليدي "الإقطاعي " والعقلية اللاهوتية والغيبية لإحلال العقلية العلمية محلها وفي مواجهة الأخيرة ظهرت اتجاهات أكثر نقدية وراديكالية لنقد وتفنيد النظام الرأسمالي لما ينطوي عليه من استغلال الإنسان، وبظهور البيان الشيوعي عام 1848م اندلعت الثورات ونمت الأحزاب الاشتراكية وأصبح من المألوف في ذلك الوقت أن يناقش الناس في كل مكان المعتقدات التقليدية، ويبدون رأيهم في النظم الاجتماعية ، لذا ظهرت تيارات منها العقلاني التصوري والتيار الامبيريقي القائم على الاحتكام إلي الواقع من خلال أسلوب الملاحظة.
في ظل هذه الظروف والأوضاع التي تتلخص في قيام الثورة الصناعية وما صاحبها من تغيرات على مستوى الفكر بقيام الثورة الفرنسية والثورة الثقافية في ألمانيا والفلسفة الوضعية الليبرالية ، كل هذه الأوضاع خلقت مناخاً مواتياً في انقسام المفكرين في النظر إلي الوقائع والظواهر الاجتماعية أو المشكلات الاجتماعية من منظور أيديولوجي مؤيد لنظام اجتماعي أو مؤيد لنظام اجتماعي آخر ، وكليهما ينطلق من مداخل مختلفة ورؤى مذهبية متباينة غير أنها تلتقي في الأساس المادي والمسلمات الفلسفية التي تنبني على فكره المادي المحسوس ، وتباين المداخل المذهبية أدى لقيام علم الاجتماع ذو توجهات متمايزة تنحصر في المحافظة والراديكالية والتي تعتبر الأسس التي مازال علم الاجتماع حتى يومنا هذا يستقي منها المقولات المحورية والأطر المرجعية و ما يشكل الجوانب الأبستمولوجية له.
وقد أصطنع دوركاديم ـ فيما يسمى بعلم الاجتماع الدوركايمي أبستمولوجية تشير إلي أن الحقيقة والمعرفة أساسها الدين والمجتمع[1]، وأن الفرد في مدركاته ومعارفه ، إنما يتغذى على أفكار المجتمع وتصوراته ، ومعلوم أن دوركاديم يعنى بالدين التصورات الميتافيزيقية التي يستنبطها الإنسان من بيئته المجتمعية ليضفي عليها هالة قدسية تسمى بالدين.

الصفحات