أنت هنا

قراءة كتاب حكمة جحا

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
حكمة جحا

حكمة جحا

كتاب " حكمة جحا " ، تأليف عليان بن يوسف ، والذي صدر عن دار سيديا ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 2

لاحَظ السّمسار أنَّ الرَّجل كانَ يتكلَّمُ بعَفْوِيةٍ ورَزانة فَأَيْقَن أنَّهُ لَيْس مَعْتوهًا كَما توَهَّم، بَلْ ساذَجٌ بسيط زَلَّ لسانُهُ فَتَورَّط. لذَلك قرَّر أنْ ينْصَحَه ويُوجِّهه، فقال له: "لقَدْ نذرتَ بمُسْتحيلٍ يا رجل، ومع ذلك سَوْف أدُلُّك على عالِمٍ خبيرٍ في الأغنام، يعرِفُ كُلَّ أنْواعها وأصنافها. إنّه هُناك في طَرَف السُّوق فاذْهبْ إليْه، تَجِدْ عنْدهُ الْخبر اليَقين."

ذهب الرّجل إلى العالم، وأعادَ عليْه ما قالهُ للسِّمسار، فَما كادَ يُنهي كَلامهُ حتَّى قال لهُ العالم بِحِدَّة: "ما هذا الهُراءُ يا رجل؟ إنّ أطول أذنٍ في رأس كَبش لا تَتجاوز شبْرًا واحدًا، فَكَيْفَ تكونُ أطْوَلَ منْ ذراع إنْسان؟"

فوجِئَ الرّجل بلَهْجَةِ العالم، وبِجوابهِ القاطِع ولكنَّهُ لمْ يفْقِد الأمل، وقال له مُسْتَعطفًا:

"يا سيّدي الْعالم! إنَّ الدُّنيا مَليئَة بِعَجائب المَخْلوقات؛ لقدْ سَمعْتُ عنْ كلابٍ آذانُها أطْولُ منْ قوائِمها، أفَلا يوجد صنْفٌ من الضَّأْن يُشبِهُ هذه الكلاب؟"

ظَنَّ العالم أنَّ الرَّجُل يَشُكُّ في عِلْمه، فازدادَ صَوْتُهُ حِدَّة وهُو يقول له: "اسْمَع يا هَذا! لقد قرأتُ كُتب الأوَّلين والآخِرين، وطَفْتُ في أرْجاء المَعْمورَة(3) كُلِّها، فرأيْتُ كباشًا بَتْراء

وأخرى بأَلْيةٍ تزنُ أرْطالاً، ورأيت كباشًا رشيقَةً كَالْماعِز، وأخْرَى مُدَوَّرةً كَالبراميل، ووُجوهُها كَوُجوهِ الخنازير. ولكنّي ما رأيتُ كباشًا آذانُها أطْولُ من قوائِمها، وما عَلِمت بِوُجودِها."

نَكَّسَ الرّجلُ رَأْسَهُ، وقال بِانكِسار:

"مَعْذِرَةً يا سيّدي العالم، ما شَكَكْت في علْمك وما قصَدْت أنْ أغْضِبَك ولكنَّني في حَيْرةٍ منْ أمْري! فَلَقَدْ نذرْت، والنَّذرُ وعْدٌ لابدَّ من الوفاء بِه."

عنْدَها شَعرَ العالم بأنَّهُ قسا على الرّجُل، فقال له بلهْجةٍ هادئةٍ فيها مَزيجٌ من اللَّوْم والعطْف:

"لَقَدْ نَذَرتَ بمُسْتحيلٍ يا رجُل. وإِنّي أنْصَحُك أن تَسْتَفْتِي(4) إمامًا فقيهًا فَمَسْألتُك تَحتَاج إلى فَتْوَى لا إلى علْم."
 

الصفحات