قراءة كتاب الفلامنجو يهاجر من تلمسان

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الفلامنجو يهاجر من تلمسان

الفلامنجو يهاجر من تلمسان

كتاب "الفلامنجو يهاجر من تلمسان" ، تأليف خليل خميس ، والذي صدر عن دار المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
 

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 5

بين قارتين

ابتعد عن قريته وهو ينظر إليها تصغر شيئا فشيئا، وكلما ابتعد مترا خرجت دمعة حارقة كالطفل الذي ينتزع من صدر أمه، أوقف السيارة جانبا وأخذ يبكي وينتحب، بعدها مسح دموعه وترك صندوق ذكرياته ودولاب آماله، دفن والده هنا في غرب القرية، وهناك في شرقها يرقد أخواله وأجداده، تنفس بعمق بعد أن فتح النوافذ كمن يخزن شيئا في مخازن الرئة الخفية من هواء قريته، بدأ بالمسير مرة أخرى فهو سيذهب إلى أم وحبيبة وصديقة طالما انتظرها في سني حياته المنصرمة، أخذ ينظر من نافذة السيارة إلى الناس والأشجار وإلى اللاشيء، تذكر كيف كان قبل أشهر يعيش في حالة من التوهان الفكري والنفسي، كان يقول في مواقفه الصعبة ان كان لي إله فلينقذني الآن! كان مدمنا على الكحول حتى في ليل رمضان الذي يصوم نهاره نائما ويشرب الخمرة في ليله، رغم أن مجتمعه محافظ إلا أن الجميع عجزوا عن ردعه، كان يقول لهم أقنعوا عقلي ثم اقنعوني،كانوا يتجنبون الخوض في حديث معه؛ لأنهم يعلمون أن معركتهم الكلامية ستكون مراكبها متكسرة في بحر منطقه المتلاطم، الذي ينم عن ذكاء ودهاء، الجميع يحترمه ويحبه لدماثة أخلاقه، هو يعلم ذلك، تذكر حين دخل يوما في دكان للحلويات وكان السكر قد أثقل لسانه، فوجد رجلا وقورا بلحيته البيضاء فسلم عليه وقبله على رأسه، لكن رائحة الخمرة تملأ المكان·

- الله يهديك يا ولدي·

- دعه يهديك أولا ثم سيكون دوري (يضحك أيمن باستخفاف)

- استغفر الله ما هذا الكلام يا أيمن؟

- (يغير الموضوع) لكن يا عم سالم لم تقل لي (يمسك بلحية الرجل) ماذا تستفيد من هذا القماش الأبيض المعلق ؟ هل تمسح بها الطاولة أم السيارة (يضحك)

- هذه للرجال وليست لأشباه الرجال أمثالك (بغضب)

- لدى الوالدة ماعز جميلة لديها لحيتك نفسها، هل هي رجل من الرجال أم أشباه الرجال (يستمر بالضحك)

سكت الرجل والغضب يغلي في صدره، وأخذ يتمتم بكلمات غير مسموعة ولا مفهومة، فخرج أيمن والضحكة مازالت مرسومة على وجهه·

تذكر حين كان مع رفقته تحت السدرة القريبة من المسجد والجميع يثرثر بشتى القصص، فأذن المؤذن (الله أكبر) فنطق أحد الجالسين الله أكبر على رأسك أيها المزعج، يا صاحب الصوت القبيح، فضحك الجميع، وما هي سوى لحظات حتى مرت بسيارة (JEEP) زوجة أحد الجالسين، فاختبأ حتى لا تراه متسائلا:

- هل مر طرزان! (ضحك الجميع)

الصفحات