قراءة كتاب البحث العلمي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
البحث العلمي

البحث العلمي

كتاب البحث العلمي ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: دار المناهج
الصفحة رقم: 10

السابعة: خاصية التنبؤ، والتخمين

أي بالنسبة للظواهر الكونية، والاقتصادية، والاجتماعية المستقبلية.

أولاً- فبالنسبة للظواهر، والعلوم الكونية: واستناداً، واستخداماً للمنهج العلمي تظهر هذه الخاصية جلية واضحة، وأكثر دقة، وخاصة مع تقدم العلوم، والتكنولوجيا، واكتشاف الفضاء، وبالاستعانة بالأقمار الصناعية المتخصصة، والمخصصة لاكتشاف العديد من الظواهر للتأكد من صحتها، ومنها الآن المئات، والآلاف يدور حول الكرة الأرضية بل وحول العديد من الكواكب، ومنها المشتري، والمريخ، وزحل، وغيرها، وكل منها في فلك يسبحون.

وإن استعانة العلماء المختصين بلغة الأرقام، والحساب، والتصوير، أَهّلهم للتنبؤ الدقيق، والتخمين الصحيح لمستقبل كثير من الظواهر، وما ستكون عليه من أحوال حتى بعد العشرات، أو المئات من السنين، وصفتها، ووقت حصولها، وبكل دقة متناهية، وبكل حساب دقيق: كظواهر الخسوف، والكسوف، والضغط الجوي، والمنخفضات، والمرتفعات الجوية، والمناخية، والأعاصير، والانحباس الحراري، والفيضانات، وظهور، واختفاء المذنبات كمذنب هالي...الخ.

ثانياً- وبالنسبة للظواهر الاقتصادية، والاجتماعية - وإن كانت خاصية التنبؤ بالنسبة إليها تبدو أقل دقة، ووضوحاً - فإن استخدام المنهج العلمي مكّن العلماء، ومع التقدم العلمي، والتقني، وأدوات، وأجهزة القياس، والحساب، التنبؤ بالكثير من الظواهر، ومستقبلها، ومن حيث زمن وقوعها، أو معدلاتها، أو قوتها، أو ضعفها مثل: ظواهر تفشي الجرائم، والعنف الجنسي، والجسدي؛ وظاهرة الفقر، والبطالة، والأسعار، والقوة الشرائية للنقد المحلي، والأجنبي؛ ومعدلات التضخم المالي، والكساد؛ ومعدلات الإنتاج، والاستهلاك؛ والنمو السكاني؛ والعرض، والطلب، ومعدلات الزواج، والطلاق، والخلع؛ وغيرها من الظواهر الاقتصادية، والاجتماعية.

الثامنة - خاصية الموضوعية، والواقعية

أي النظرة إلى الأمور، وملاحظة الظواهر، والحالات بالمنهجية النزيهة، والحكم عليها ،وتحليلها كما هي بحسناتها، وسيئاتها، وصفاتها، وواقعها، ودون تدخل للمشاعر، والمؤثرات الشخصية، والميول، والأمزجة، والعواطف الإنسانية، والأهواء، والمشاعر النفسية.

فالموضوعية تعني عدم التحيّز لشخص، والواقعية تعني حيادية التحليل، وبحيث يتوصل إلى نفس النتائج مَنْ يستخدم نفس المنهج.

إن المنهج العلمي في تحليله للنظريات، وفي تفسيره للقواعد، وفي ملاحظته للظواهر إنما يستهدف قبل كل شيء عين الحقيقة العلمية، وحقيقة النتيجة المرجوة سواء ارتضتها نفسيته، أو أبتها، وسواء كانت محل قناعته أم لا. إنما المقصد، والغاية يكمنان في التحقق العلمي، والوصول النتائجي ليس إلا. إن خاصية الموضوعية تُملي على الباحث أن يكون واقعياً، منصفاً، عدلاً في حكمه على الأمور حتى ولو كان الأمر يتعلق بعدوّ، أو غير صاحب، أو على غير دين، أو على غير علاقة حسنة. وكم من مختصين باحثين أخذوا العلوم، وحصلوا على معرفة الحقائق العلمية من أعدائهم. فلا غرو، ولا غرابة، وما دام العلم للجميع، وما دامت الموضوعية إحدى الخصائص اللصيقة بالمنهجية.

إن الباحث في استخدامه للمنهج العلمي يجب عليه أن يترك مشاعره الشخصية، وميوله، وأمزجته العاطفية خارج الدراسة، خارج المعمل، وألا يتركها تؤثر في النتائج التي يجب أن يتوصل إليها. فالمنهجية السليمة تستند بل يجب أن تستند إلى أسباب، وأدلة، وأساليب، ومضامين حقيقية في تقصي المشكلة العلمية موضوع الدراسة كونية كانت أو اجتماعية.

إن الدقة في البحث تعني الدقة في المنهج، والدقة في المنهج تعني الدقة في الحكم، والدقة في الحكم تعني الواقعية، والموضوعية في الدراسة، والشرح، والنظر إلى الأمور، وبخاصية الموضوعية الواقعية، والبعيدة عن الأهواء، والعواطف الشخصية؛ وتُملي على الباحث أن ينصف غيره كما ينصف نفسه. فعليه أن يبتعد عن منهجية الثناء، والمديح لنفسه، كما عليه أن يبتعد عن منهجية القذف، والشتم، والحط من قَدْر الآخرين. وتأصيلاً لهذه الخاصية نقول: رحم الله امرءاً عرف قدر نفسه.

إن المنهجية الموضوعية في، أو حين إعداد البحث العلمي تُملي على الباحث حتى في إنصافه لنفسه أن يبتعد عن عبارات الحمد، والثناء المبتذلة كالقول: بأنني دوماً على حق، وغيري على باطل، وبأنني أجزم، ولا أتنازل، ولنا القول الأكيد الذي لا يناقش،...الخ. وغيرها من عبارات المدح، والثناء. وكذلك أن يبتعد عن عبارات القدح المذمومة عند نقده للآخرين، أو خلافه معهم كالقول: إن أقوالهم تافهة، أو إن أدلتهم لا ترقى إلى أدلتنا، أو إنهم أغبياء، أو متخلفين... وغيرها من عبارات الذم، والقدح غير المقبول منهجياً في، أو عند إعداد البحوث العلمية.

التاسعة - خاصية التنوع، والتعدد

أي تنوع، وتعدد المناهج بتنوع، وتعدد العلوم، والموضوعات، والأبحاث العلمية. وعلى الباحث أن يكون على علم بها حتى يستطيع إتباع المنهج القريب، أو المتعلق بعلمه، أو موضوعه، أو مشكلة دراسته، أو بحثه.

فالمنهج العلمي مؤشر على جودة البحث، من عدمها. وبالمنهج العلمي المتبع تُقيّم البحوث العلمية عادة. فالبحث يكون أكثر دقة، وجودة عندما يكون منهج إعداده أكثر قرباً، وإتباعاً، وتطبيقاً، وتقيداً به.

إن من الصعوبة بمكان أن يضع علماء المناهج منهجاً واحداً ذا قواعد منطقية واحدة يصلح أن يُتّبع بالنسبة للعلوم جميعها. فهي تختلف عن بعضها البعض، وتتنوع. ولذلك يجب أن تتنوع المناهج العلمية تبعاً لها، وتتعدد.

إن العلوم، والظواهر الكونية، والطبيعية، والتطبيقية تختلف في معارفها، وموضوعاتها، وتجانسها، وطبيعتها عن نظيرتها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والأدبية، والإنسانية. من أجل ذلك يجب أن تتنوع المناهج العلمية، وتتعدد تبعاً لطبيعة، وتنوع تلك العلوم.

إن التجانس ولو إلى حد ما بين موضوعات العلوم الكونية، والطبيعية قد يسمح بإيجاد منهج واحد يصلح كإطار منهجي عام يُتبع بالنسبة لتلك العلوم كمنهج الاستقراء التجريبي، والمنهج التجريبي. ونفس الشيء بالنسبة للعلوم الأدبية، والإنسانية، والاقتصادية، والاجتماعية، والقانونية قد يسمح الأمر بإيجاد منهج واحد صالح كإطار منهجي عام يُتّبع بالنسبة لهذه العلوم: كمنهج الاستنباط، أو الاستدلال، ومنهج الاستدلال التربوي.

ولمزيد من التأصيل الدقيق لخاصية التنوع، والتعدد، فقد رأى العلماء أيضاً أن لكل موضوع من موضوعات العلم الواحد سواء كان طبيعياً، أو إنسانياً منهجية خاصة به تتعدد أيضاً بتعدد موضوعاته.

فبالنسبة للعلوم الطبيعية: فلكل علم، أو موضوع منهج خاص به: كموضوع علم الحيوان، وعلم النبات، أو الطب، فإن له منهجيته الخاصة به، وكذلك الهندسة، وعلم الحساب. وعلم الفيزياء، وعلم الكيمياء...الخ.

ونفس الشيء بالنسبة للعلوم الإنسانية: فلكلٍّ منهجيته: كعلم القانون بأنواعه: الإداري، وعلم القانون الجنائي، وعلم القانون المدني، والقانون المالي، وعلم الفقه، وعلم العقيدة، وعلم التفسير، وعلم الحديث، فلكل منهجيته المعروفة باسمه...الخ.

وبالنسبة للبحث العلمي الواحد: تتعدد، وتتنوع مناهجه تبعاً لتعدد، وتنوع موضوعاته انطلاقاً من صفحة الغلاف، وانتهاء بصفحة فهرس المراجع، فلكل منهجيته.

إن صفحة الغلاف لها منهجيتها المتعلقة بعناوينها، ومعلوماتها.

وكذلك صفحة الإهداء، وخطة البحث، ومشكلة، وفرضية البحث، وأركان البحث، وعناصره، وخصائصه، ومقوماته، وخطوة اختيار عنوان البحث، وخطوة جمع المصادر، وخطوة جمع المادة العلمية، والمقابلة، والاستبيان، وخطوة صياغة البحث، والاقتباس، والتخريج، وعلامات الترقيم، والخاتمة، وفهرسة المراجع، وترتيب البحث، وترقيمه...الخ. فلكل عنصر من هذه العناصر منهجيته الخاصة به.

الصفحات