أنت هنا

قراءة كتاب خمائل الواحة - القطاف الثاني

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
خمائل الواحة - القطاف الثاني

خمائل الواحة - القطاف الثاني

كتاب " خمائل الواحة القطاف الثاني " ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار الجندي
الصفحة رقم: 5

وَقَفَ جَمعٌ كَبيرٌ يَنْظُرُ بَعْضٌ بِفُضُولٍ وَبَعْضٌ بِحَسَدٍ وَهُمْ يَرَونَ القَارِبَ يَكَادُ يَغُوصُ يَحْسَبُونَهُ امْتَلأَ سَمَكًا. حتَّى إِذَا وَصَلا الشَّاطِئَ أَسْرَعَ بَعضُ الوَاقِفِينَ لِلمُسَاعَدَةِ إِذِ احْتَاجَ إِخْرَاجُ القِرْشِ لِلبَرِّ عَشْرَةَ رِجَالٍ. كَانَ المَشْهَدُ مَهُولا جَمَعَ القَومَ عَلَيهِ حَتَّى فَرَّقَهُمْ تَاجِرُ السَّمَكِ الكَبِيرُ فَنَظَرَ فِي الصَّيدِ ثُمَّ قَالَ بِلَهْجَةٍ حَاسِمَةٍ:

عَشْرُ لِيرَاتٍ فِي هَذِهِ السَّمَكَةِ ، وَلا أُرِيدُ هَذَا القِرْشَ فَلا طَلَبٌ عَلَيهِ.

تَجَرَّأَ أَحْدُ التُّجَارِ الصِّغَارِ بَعْدَ أَنْ مَضَى ذَاكَ فَقَالَ:

ـ أَشْتَرِيهِ بِقِرْشِ.

دَارَتْ الدُّنْيَا بِالصَّبِيِّ. أَبَعْدَ كُلِّ هَذَا العَنَاءِ وَالخَطَرِ ؟ رَحْمَتَكَ رَبِّي!

نَظَرَ فِي عَيْنَيِّ أَبِيهِ وَقَدْ تَعَلَّقَتَا بِالقِرْشِ وَتَعَلَّقَ فِيهمَا حُزْنٌ وَحَسْرَةٌ وَقَالَ بِسُخْرِيَةٍ مَرِيرَةٍ:

ـ حَسَنًا ، خُذْهُ بِقِرْشٍ!

ـ يَا أَبِي

ـ أصْمُتْ يَا مُخْتَارُ!

ـ يَا أَبِي ... هَذَا لَيسَ بِعَدْلٍ. دَعْنِي أَبِعْهُ فِي السُّوقِ قِطَعًا.

ـ لَنْ تُفْلِحَ يا بُنَيَّ فَلَحْمُهُ مِمَّا يُزهَدُ بِهِ ، وَهُمْ لَنْ يَسْمَحُوا لَكَ.

صَمَتَ لِسَانُ الصَبِيِّ وَتَحَدَّثَتْ عَينَاهُ بِكُلِّ مَا أَصَابَ القَلْبَ مِنْ قَهْرٍ وَأَسَى ، يَنْظُرُ إِلى التَّاجِرِ كَأَنَّهُ يُقَطِّعُ مِنْهُ لَحْمَهُ قَبلَ أَنْ يُقَطِّعَ لَحْمَ القِرشِ ذَاكَ. وَمَا إِنْ فَتَحَ التَّاجِرُ بَطْنَهُ حَتَّى جُنَّ جُنُونُ الصَبِيِّ يَصْرخُ بِأَبيهِ يَنظُرُ كِلاهُمَا بَينَ الذُّهُولِ وَالأُفُولِ لَكِنَّ أَبَاهُ نَهَرَهُ بِرِفْقٍ قَائِلا:

ـ لا يَا وَلَدِي ، لا يَتَرَاجَعُ الحُرُّ عَنْ البَيْعِ حَتَّى لَوْ وَجَدُوا فِي بَطْنِهِ كُلَّ هَذَا الخَيرِ ، هِيَ أَرْزَاقٌ يَا بُنَيِّ وَأَقْدَارٌ لا يَجِبُ فِيهَا أَنْ يَدْفَعَنَا السُّخْطُ إِلى أَنْ نَزِلَّ أَوْ أَنْ نَضِلَّ أَو أَنْ نَنْكثَ عَهْدًا أَو أَنْ نَخُونَ أَمَانَةً.

الصفحات