أنت هنا

قراءة كتاب وادي الصفصافة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
وادي الصفصافة

وادي الصفصافة

كتاب " وادي الصفصافة " ، تأليف أحمد الطراونة ، والذي صدر عن دار الآن ناشرون وموزعون .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 9

أخبار الزعيم بدر تنتشـر في المدينة مثل النار في الهشيم، ومن هذه الأخبار تشكيل حلف بين الشراقا والغرابا للتصدي للأتراك.

كان حسن الأكثر قرباً من الزعيم، فهو يسرّ له ما لا يسرّ لغيره، وقف إلى جانبه في محنته عندما مُنِع من المشاركة في مجلس الولاية رغم نجاحه في الانتخابات.

وكان يقول: «الدولة ضيّقت على الناس حياتهم».

يطالع كثيراً، إلا أنه كان مشتت الأفكار، يحاول أن يجمع خيوط ما يدور حوله من الأحداث، وكان يتكلف عناء إحضار المنشورات والصحف من القدس ودمشق، وأكثر ما يثير اهتمامه قضية عزل السلطان عبدالحميد، وتسلط جمعية الاتحاد والترقي وأفعالها في حوران.

كانت أول معرفته بالزعيم في إحدى المعارك حين شارك مع عدد من فرسان الشراقا في صدّ إحدى غزوات البدو، إلا أنّ غياب حسن عن القرية وما أُشيع أنه حصل على مجموعة من البنادق، وكميات كبيرة من (الذخائر) أخفاها في «مغارة» من القرية عمّق خوف عمه أبي محمد.

وكانت عودة حسن قد طمأنت أبا محمد وأفرجت أساريره، ومدّت فيه العزم لتجاذب الحديث مع الشباب.

قال أحدهم: «زمان هالقمر ما بان؟».

ردّ حسن ممازحاً: «لو كان القمر موجود، كان الذيب ما هلّ»، فضجّ المكان بالضحك..

مال محمد على حسن وهمس في أذنه: «خضرا ودها إياك».

* * *

لملمت خضرا خُصل جدائلها، وعضّت شفاهها بأسنانها الصغيرة، وفركت برؤوس أصابعها خدّها الطري، وتفقدت خطوط الوشم الرقيقة التي انسابت من تحت شفتيها، ثم تطاولت واقفة إلى جانب «مقدم»([11]) البيت وهي تمسك بحباله، وما إن بدا لها حتى انسلّت أمامه بحركة راقصة، وبخفة غاوية، وابتسامة ساحرة، تقول بصوت نديّ: «ألله يسعد صباحك، ويفرد جناحك، ويوسّع مراحك.. هلا ابن عمي..»، ثم تشيح بوجهها عنه بدلال وهي تتساءل:

- وين امبارح؟

تساقطت الكلمات على قلبه المرهق بالهموم، كأنها قطرات الماء التي ترشق الأرض العطشى بعد انقطاع، يرى جسدها الرشيق، ويرسل من عينيه نظرات خجلى إلى بطنها الذي راح يخرج عن طوعها، ويتمتم متسائلاً:

«ولد؟».

كانت ترقب عينيه وهما تجوسان جسدها باستغراب، ثم قالت بدلال وعتب:

- اللي بشتاق لحلاله ما بتركه لحاله، طول عمري واني مثل القمر، لكن أنت حامل هموم الدنيا فوق راسك وناسيني، بتفوت عالبيت وبتطلع منه واني ما تعدّْني موجودة.

- لَهْ يا خضرا، إنتي في القلب، والله يا بنت عمي ما أنا حامل غير هم هالبلاد وهمكو، وما مخوفني ومضيِّق حياتي غير اللي جاي على هالبلاد.

تقفز الأمنيات إلى نفسه وتداعب قلبه المهموم وهو يتساءل: «ما ذنبها؟ لماذا لا أعطيها حقها من الحنان؟»، يتردّد ثم ينسحب من صمته بتنهيدة طويلة ويردف:

- آه يا خضرا لو تدري؟

- خير إن شاء الله.

- إن شاء الله خير، بس أنا ما أنا مرتاح.

الصفحات