أنت هنا

قراءة كتاب دموع قلم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
دموع قلم

دموع قلم

كتاب " دموع قلم " ، تأليف محمد سعيد عدنان ابو شعر ، والذي صدر عن

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 9

كانت أربعة

قديماً، كانت الفصولُ الأربعةُ أربعةً بامتياز، لكلٍّ منها استقلاليّةٌ وزمنٌ متفرّدٌ وطقوسٌ تميّزهُ عن سواهُ من الفصول.

كان الشتاءُ شتاءً، بكلِّ ما تعنيه الكلمة، وكلّ ما تقتضيهِ من مظاهرَ: برْدٍ، وغيومٍ، ومطرٍ، وثلج. سطوعُ الشمسِ يكادُ يكونُ طفرةً في الشتاء، فهو ممتدٌّ طوالَ أشهره بانتظامٍ لا ينازعهُ عليها فصلٌ آخرُ. كان الشتاءُ ذلك الكساءَ البارد الذي يغمر الأرض بخيرٍ منهمر دون انقطاع.. ولم يكنِ الناسُ يَدْهشون لرؤيةِ المطرِ كما حالُهم الآن، ربما باعتيادهم على نظام الشتاء الذي لا يتغيرُ قد ألفوا رؤيةَ المطر كلَّ يوم، وزيادةً على ذلك كانت نفوسُهم تسْعدُ إذا ما أطلَّتِ الشمسُ يوماً بخجلٍ من وراء الغيوم، حتى أنهم تمادوا وألزموا الشتاءَ صفةَ الكآبة والقسوة. بل حتى الثلجُ! ذلك الزائرُ الأبيضُ الذي لم يكن ضيفاً بقدْرِ ما كان يُعْتبرُ من (أهل البيت) إذا صحَّ وصفُه بذلك حينها، فالثلجُ كالمطر، لازمةٌ من لوازمِ الشتاء.

كم كان الخيرُ يغمرُ الدنيا! وما أسعدَ الناسَ الذين عايشوه وباغتهم الموتُ في زمانهم! وما أتعسَ أولئك الذين عاصروا ذاك الزمنَ، وكُتبَ عليهم أن يطولَ بهم الأمدُ ويعيشوا زماننا، ويروا ما نراهُ الآن.

والصيفُ، كان ذلك الفصلَ السعيد، الذي فيه تتباهى الأشجار بما تقدّمه لنا من ثمارٍ وفواكهَ، وأشعةُ الشمسِ تغازلُ الأرضَ وساكنيها بلطفٍ كلَّ صباح، تتخلى عن لطفها أياماً ثم تعودُ لسابقِ عهدها، والأطفال يجرون تحت أشعتها بمرح، لم يكن عليهم انتظارُ أحد العيدين ليذوقوا طعمَ السعادة، فالصيفُ كان عيداً طويلاً بأيامهِ كلِّها.

بساطةُ الحياةِ كانت الحاكمةَ آنذاك، لم تكن السعادة فيها حكراً على أولئك الذين يتباهَوْن برفاهيتهم الزائفة، كان الناسُ كلُّهم شركاءَ في كلّ شيء، كانوا أصدقاءَ مع الطبيعةِ كذلك، فبادلَتْهُم الطبيعةُ صداقةً عاشوا بها وكأنهم في جنّات النعيم.

حتى الربيعُ والخريف، لم تكن فصولاً انتقاليةً كما يسمّونها الآن!

الصفحات