You are here

قراءة كتاب اللغة العربية في مرآة الآخر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
اللغة العربية في مرآة الآخر

اللغة العربية في مرآة الآخر

استحوذت اللسانيات الغربية عامة واللسانيات الأمريكية خاصة على الدراسات اللغوية العربية، ولا سيّما بعد ظهور النظرية التوليدية التحويلية، وأصبح تطبيق المقولات النظرية المستفادة من تلك اللسانيات بمدارسها المختلفة المتعاقبة -ولا يزال- تياراً سائداً وعنواناً رئيس

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 2
البحث عن إيلاف الموجود بالمنشود
 
وكنت أحمل في خاطري مطلبين، يتعلّق أَوَّلهما بالعربية وموقفي منها، وهو موقف يتخذه كثير من أبناء العربية والمشتغلين بها· ويتمثّل في احتفائهم بالعربية في خصائصها الذاتية، وتجربتها المشهودة في التاريخ، ومزاياها المتعددة من جهةِ أنها لسان النصّ المقدس، والعروة الوثقى، ورمز الهوية، ولسان التواصل في الفضاء العربي، ومفتاح كتاب التراث الممتد في الزمان العربي الإسلامي ستة عشر قرنا مع تفرّدها في أنها أطول اللغة الحية عمرا
 
كما يتمثل فيما كنّا نقف عليه من امتياز علماء العربية وإنجازاتهم المشهودة في وضع العربية، وتدوينها، وتأليف معجماتها، وتطوير علومها، وكان يزدهينا ما كان من عقل الخليل الرياضيّ في ضبط معجم العربية في (العين)، واستخراجه نظام العروض معيارا لموسيقى الشعر· وما كان من سِجال أهل المَصْرَيْن البصرة والكوفة في تأسيس نظرية النحو، ومنهاجِهم في الاستقراء الميداني وتأسيس الثقافة العربية حفظا للذاكرة، وعكوفِهم على خدمة الذكر الحكيم والأثر الشريف بضروب من النظر في المجاز، والغريب، والأعاريب، والأساليب، وما نجم في سياق تلك الصيرورة من نجوم أعلام كابن جنّي وفِطَنِه في الخصائص، وعبد القاهر وكشفه عن سرّ النظم في إعجاز القرآن··· إلخ·
 
أما المطلب الثاني الذي كان يرنو إليه الخاطر فيتعلق باللسانيات الحديثة، وبريقها الأخّاذ، وما أسهمت به من أنظار متعاقبة في وصف الظاهرة اللغوية والألسنة البشرية وتفسيرها على أنحاء شتّى· وكان هذا المطلب المنهجي - فيما أرى - أداة لازمة لكلّ مشتغل بالعربيّة ؛ إذا أصبحت اللسانيات علما متواتر الفعالية في أنظاره وتقنياته، يُرينا من أمر اللغة ما لم نكن نرى، وَيَعِدُنا ببصائر مضيئة لنظامها الذاتي وسائر الأبعاد النفسية والإدراكية والاجتماعية والثقافية التي ترتبط بها·
 
وكانت اللسانيات الأمريكية بإيقاعها المتسارع تستأثر بالبريق والجاذبية وتتجاوز ما رَجَعَ به الوصفيون العرب من إنجلترا أو أتباع المنهجين التاريخي والمقارن من ألمانيا، وتمنح اللسانيات مِثْلَ منزلة الفلسفة حتى لَتُنَازِعُها تلك المنزلة، وخاصة لدى المدرسة التوليدية التحويلية التي شرعها تشومسكي في مطالع النصف الثاني من القرن العشرين فملأت الدنيا وشغلت الناس·
 
وكان المطلب الأول حافزا وكان المطلب الثاني وعدا مأمولا

Pages