You are here

قراءة كتاب الكويت من النشأة إلى الإحتلال

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الكويت من النشأة إلى الإحتلال

الكويت من النشأة إلى الإحتلال

هذا الكتاب هو الجزء الأول من سلسلة مكونة من ثلاثة أجزاء تتناول في مجموعها تاريخ الكويت السياسي منذ النشأة حتى نهاية العام 2012، ويتحدث هذا الجزء عن الفترة الممتدة من بداية وصول العتوب (آل صباح) إلى القرين (الكويت) في السنوات الأولى من القرن الثامن عشر إلى ا

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 5

العتوب

على الجانب الآخر من الخليج، كانت المجاميع العربية المقيمة في بر فارس تتنافس في ما بينها على مغاصات اللؤلؤ القريبة من البحرين، وكانت هذه المجاميع تنقسم إلى ثلاث طوائف رئيسية هي العتوب والخليفات، وتسكنان بالقرب من الديلم الواقعة في منتصف المسافة بين بوشهر ومدخل شط العرب، وطائفة الهولة، المكونة من سبع أو ثمان من القبائل وتسكن بندر كنغ القريبة من مدخل الخليج، وكان التنافس بين هذه المجاميع يشتد أحياناً فيجنح إلى العنف، وهذا ما حصل في صيف العام 1700،عندما هاجم عدد من العتوب سفينة تابعة للهولة وقتلوا ثلاثة من البحارة وسلبوا بعض الأموال واختفوا بعيداً، فرد عليهم الهولة في صيف العام التالي بهجوم بالقرب من مغاصات اللؤلؤ البحرينية، وارتكبوا مجازر وحشية بحق عرب العتوب حيث قضوا على ما يقارب 400 رجل منهم·
فُجع العتوب بهذه الكارثة، فعادوا إلى بندر الديلم وطلبوا مساعدة حلفائهم عرب الخليفات وتوجهوا إلى مغاصات اللؤلؤ وهاجموا جميع السفن التي اعترضت طريقهم، سواء كانت تلك السفن تابعة لقبائل عرب الهولة أو غيرهم ثم نزلوا إلى سواحل جزيرة البحرين وأحرقوا المزارع والقرى التي تقع خارج أسوار المدن الرئيسية، وعادوا إلى بلدهم الديلم، فـأغضبت هذه الأعمال والي البحرين الفارسي وأرسل يشتكي تعديات عرب الديلم (العتوب والخليفات) إلى الشاه حسين الصفوي في إيران، وفي المقابل أمر الشاه حسين بإرسال قوة برية تخرج من بلدة شيراز وتهاجم العتوب في بندر الديلم، ونتيجة لتحرك هذه القوة الفارسية هاجر العتوب إلى البصرة الواقعة تحت الحكم العثماني·
وفور وصول العتوب إلى البصرة، نزل رجالهم من المراكب وتوجهوا إلى مقر والي البصرة قائلين له: إننا جميعاً من أهل الإسلام، وقد تركنا ديار الروافض، ونحن داخلين عليكم وأنتم أعلم بحالنا رحب الوالي بهم، وسألهم عن عملهم الدائم، فأجابوا بأن عملهم هو نقل التجار والتجارة بين البصرة والموانئ الأخرى·
وفي اليوم التالي ذهب أحد رجالهم، ويدعى ماجد، إلى مقر الوالي قائلاً إنه لم يعين لهم مكاناً بعد، فهل سيبقون على هذه الحالة لبعض الوقت ؟ فرد الوالي بأنهم إذا سمح لهم أن يبقوا بالبصرة بصورة دائمة فعندئذ تعطى لهم أماكن، وفي الوقت نفسه، أرسل الوالي علي باشا كتابا إلى السلطان العثماني في الثالث والعشرين من ديسمبر 1701 كتب فيه:
يوجد على شواطئ العجم مكان اسمه البحرين، يقوم العجم في هذا المكان بالتعرض لأهله بأنواع الضغوطات والمعاملة السيئة، ويهتم العجم بهذا المكان اهتماماً كبيراً·
هناك أيضاً عشيرتان تتبعان لإدارة العجم وهما عشيرة العتوب وعشيرة الخليفات من أهل المذهب الشافعي والحنبلي ويسكنون في مكان قريب من بندر ديلم ويوجد أيضاً بندر اسمه كونك فيه سبع أو ثمان عشائر يطلق عليها اسم حوله كلهم عرب من أتباع المذهب الشافعي·
أوقع البعض فتنة بين البحرين وبين هذه العشائر الثلاث حصلت بسببها عداوة بينهم، ووقعت صدامات في عرض البحر قتل منهم ثلاث أشخاص غدراً، الأمر الذي جعل التجارة والمهاجرين يتخوفون من القدوم إلى البصرة·
أغلب السفن التي تتنقل بين هذه الموانئ في تلك المنطقة هي سفن هذه العشائر الثلاث· وبسبب العداوة يقومون بإطلاق النار على بعضهم البعض إذا تلاقوا في عرض البحر·
وفي أحد الأيام قامت عشيرة الهولة بمهاجمة عشيرة العتوب التي هي حليفة عشيرة الخليفات في البحرين، وعلى حين غرة قتلت 400 من رجالها واستولت على جميع أموالها· وهرب الناجون من العتوب إلى حلفائهم من الخليفات· ثم اتفق الاثنان العتوب والخليفات على أن ما حدث كان بسبب فتنة العجم الموجودين في البحرين وقالا:
لم يبق لنا أمان في البقاء في بلاد العجم بعد الذي حصل، فلنذهب إلى مدينة البصرة التابعة للدولة العلية، وبالفعل جاؤوا ودخلوا أراضي البصرة وعددهم ما يقارب 2000 بيت وهم الآن موجودون فيها· وقد جاء إليَّ أنا مأموركم في البصرة، بعض وجهائهم والتمسوا لأنفسهم طلب البقاء قائلين:
إننا من أهل السنة والجماعة تركنا بلاد الرافضيين، بلاد القزل باش ولجأنا إلى سلطان المسلمين للعيش في أراضيه وأنتم أعلم بما يصلح حالنا·
لم يخصص بعد لهم مكان معين للاستيطان والأفضل أن يبقوا هكذا للنظر إن كانوا سيبقون في البصرة بشكل دائم عندها يخصص لهم مكان للإقامة· يملك هؤلاء ما يقارب 150 سفينة في كل سفينة اثنين أو ثلاثة مدافع وعلى متن كل سفينة بين الثلاثين إلى أربعين مسلح بالبنادق عملهم هو نقل التجار والبضائع بين الموانئ في المنطقة· ومن أجل المصلحة واستمرار عملهم أرسلنا رجالنا إلى عشيرة الحولة للتوسط في الصلح بينهم وبين العتوب والخليفات لأن بقاء الحرب بينهم سوف يضر بالتجار الذاهبين والقادمين إلى البصرة فيما لو استوطنوا لدينا· وفي حال قدوم العشيرة المذكورة وبتحقيق الصلح فإن البحر والسواحل سوف يأمن من شرهم· وبعد عقد الصلح سوف يتبين إن كانت العتوب والخليفات سوف تستوطنان البصرة أم لا ولكن هذا غير معلوم·
إلا أن الوالي لم ينجح في إصلاح ذات البين بين الهولة والعتوب والخليفات، ولذلك قرر بعدم السماح لهم بدخول البصرة خشية استمرار النزاعات بينهم وتأثير ذلك سلباً على تجارة المدينة، لكنه سمح لهم بالبقاء في منطقة أم قصر الخارجة عن حدود سلطة الدولة العثمانية والتابعة لمملكة آل عريعر، فانتقلوا منها إلى القرين حيث اتفقوا على الصداقة وحسن الجوار مع حكام آل عريعر الذين ضمنوا لهم استقلالاً إدارياً وحكماً ذاتياً، على أن يدفعوا لأمير الأحساء ضريبة سنوية، ولم يكن في القرين آنذاك سوى بعض العوائل البسيطة ومجاميع من قبيلة العوازم التي يعمل غالبية أبنائها في صيد الأسماك·

Pages