You are here

قراءة كتاب فك شفرة الكون

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
فك شفرة الكون

فك شفرة الكون

كتاب " فك شفرة الكون " ، تأليف تشارلز سايف ترجمه إلى العربية أيمن أحمد عياد ، والذي صدر عن دار التنوير عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة

تقييمك:
3
Average: 3 (2 votes)
المؤلف:
دار النشر: دار التنوير
الصفحة رقم: 8

ظهرت آلة شيربيوس بشكل ما وكأنها آلة كاتبة لها ستّة صفوف من المفاتيح، لكنّ النقر على أحد هذه المفاتيح لا يترك أي أثر على الورق بل يومض مصباحًا في الماكينة. فإذا نقرت مفتاح الحرف A مثلًا ربّما يومض الضوء الذي يشير للحرف F، فالمفتاح A مشفّر على أنه الحرف F. لكنّ إذا نقرت المفتاح A مرّة ثانية ربّما يومض المصباح الذي يشير للحرف S أو O أو P، ففي كلّ مرّة تنقر فيها المفتاح A ستكون النتيجة مختلفة. وهذا لأن آلة شيربيوس كانت مصمّمة من الداخل بحيث يكون هناك عدد من الأقراص الميكانيكية الدوّارة. وفي كلّ مرة تنقر فيها مفتاحًا، سيتحتّم دروان تلك الأقراص وانتقالها خطوة للأمام، وعندما تغيّر تلك الأقراص من وضعها ستتغيّر عملية التشفير أيضًا. لأنه في كلّ مرة تنقر فيها مفتاحًا سيصبح هذا المفتاح مشفّرًا بطريقة مختلفة، وبدا الأمر كأن آلة إنيجما تغير شفرتها مع كلّ نقرة مفتاح.

كانت معظم نماذج انيجما تستخدم ثلاثة أقراص دوّارة ـ بعض النماذج بها أربعة ـ وكلّ قرص يجب أن ينتقل إلى الأمام ستًّا وعشرين مرّة قبل أن يعود إلى نقطة ضبطه الأولية. كان يمكن توصيل هذه الأقراص بالأسلاك بعدّة طرق، كما كان يمكن وضع أيّ منها في أي من الثلاثة (أو الأربعة) أماكن المخصّصة لدروانها. كانت هناك أيضًا أسلاكٌ ومقابس يمكن تغيير أماكن تثبيتها كما كان يمكن أيضًا تعديل بعض المواصفات الأخرى. لقد أدرك الجميع، أنّ آلة انيجما القياسية ذات الثلاثة أقراص دوّارة باستطاعتها أن تعطي ترتيبات للحروف بأكثر من 300 مليون مليار جووجول googol احتمال. فإذا كان عليك حلّ شفرة رسالة انيجما، فسيكون عليك أن تستنبط أيّ وضع من الأوضاع الـ 3×10 114 التي كانت عليه آلة التشفير عندما بدأت في كتابة رسالتها المشفّرة.

وتعدّ هذه الإمكانية المهولة خارج أيّ نقاش، فما من طريقة تستطيع بها أن تجرب يدوّيًا كلّ احتمال من تلك الاحتمالات الـ 3×10 114. فإذا كانت كلّ ذرة في الكون عبارة عن آلة انيجما، وقامت كلّ ذرة من تلك الذرات بإجراء مليون مليار احتمال من هذه الاحتمالات في كلّ ثانية منذ نشأة الكون حتّى الآن، فلن يتجاوز ما تم إنجازه حاليًا سوى 1% من كلّ هذه الاحتمالات الممكنة. وهكذا فلا عجب من أن تحظى انيجما بسمعة أن شفرتها عصيّة على التفكيك. لكن من حسن حظّ الحضارة الغربية أن هذا لم يحدث.

كان أحد أسرار الحرب المحفوظة بشكل جيّد، عبارة عن إطار يضمّ صورة لمجموعة من مفكّكي الشفرة في أحد المباني على الطراز الفيكتوري: بمنطقة بليتشلي بارك في بوكينج هامشاير Bletchley Park in Buckinghamshire في إنجلترا. وهم من سيسمّيهم ونستون تشرشل Winston Churchill لاحقًا «بالأوزات التي تضع بيضًا من الذهب لكنّها لا تقوقئ أبدًا». وكان ألان تيورنج Alan Turing أشهر تلك الأوزات.

ولد تيورنج في عام 1912 بلندن، وكاد أن يصبح أحد مؤسّسي علم الكمبيوتر ـ وهو المجال الذي يتعامل بالتجريد مع الأشياء التي تعالج المعلومات. وبالنسبة لعلماء الرياضيات وعلماء الكمبيوتر، كان أكثر الإسهامات التي قام بها تيورنج أهمية، هو تصميمه لكمبيوتر أوّليّ عُرف فيما بعد باسم آلة تيورنج. وهو عبارة عن آلة ذاتية الحركة تستطيع قراءة التعليمات الموجّهة لها على شريط ورقي. كان هذا الشريط مقسّمًا إلى مربّعات إمّا فارغة أو بها علامات مكتوبة. لقد كانت آلة تيورنج بسيطة للغاية، فهي تستطيع أن تؤدِّي عددًا محدودًا فقط من العمليات الأولية. كقراءة ماهو مكتوب على جزء معيّن من الشريط، أو تقديم هذا الشريط وإرجاعه، أو الكتابة ومحو العلامات من عليه.

Pages