حياة الكاتب هشام البستاني
هشام البستاني طبيب أسنان وكاتب وقاص. ولد عام 1975 في عمّان ويعيش فيها. صدرت له مجموعة "عن الحب والموت" القصصية (بيروت: دار الفارابي، 2008) التي حازت على اهتمام نقدي لافت.
المجموعة القصصية "الفوضى الرتيبة للوجود"، نقرأ منها:
الكاتبُ ليس إلهاً يخلق من العدم، فليس ثمّة عدمٌ موجودٌ أصلاً. وهو، كما العالِمُ، يقف على أكتاف الكثيرين ليصل إلى الفكرة والمعنى، الألوان والموسيقى، الماء والنار. كاذبٌ هو من لا قَبْلَهُ ولا بَعْدَه. طاووسٌ منزوعُ الرّيشِ هو الذي يَظُنّ أنه اخترع الصوت والكلمة، وأن ما يخطّهُ قلمه هو محضُ وحيِ شياطينه الذاتيّة. الكونُ والعالَمُ والتاريخ والبشر، جميعها تحشر نفسها كلّ لحظةٍ في أدمغة الكُتّاب ووعيهم: يتصادمون، يتضاجعون، يندمجون ويتفتّتون، ثم يخرجون على الورق بكامل قيافتهم.
لهذا، فأنا مدين أبداً لهذا الكون اللامتناهي الروعة، بكل تفاصيله وتعقيداته، كلّ ألوانه وأصواته وروائحه، كل موجوداته الحيّة وغير الحيّة، وكل ناسه: خصوصاً من سمعت موسيقاهم وشاهدت أفلامهم وقرأت شعرهم وسردهم وفَتَّحُوا وعيي بأفكارهم. لم أَكُنْ لأَكُنْ لولاهُ ولولاهم، ويا ليتنا جميعاً نعي انتماءنا الكونيّ هذا، ونعترف بفضله.
كما أنني مدين بشكل أكثر تحديداً لكل من: صنع الله إبراهيم وميّة الرحبي اللذين بمشورتهما أخرجت ما في جعبتي للمرّة الأولى، ولنزيه أبو نضال ويوسف عبد العزيز وعناية جابر وطلال يحفوفي وسعود قبيلات ورفقة دودين وجواد صيداوي وسامح المحاريق وإيمان مرزوق ولَمى الخطيب وأسعد العزوني ومي حسون ومحمد شريف الجيوسي ويزن الأشقر والطاهر المعز وابتهال محادين ومحمد نايل عبيدات وعبد الفتاح يغمور وفهد الريماوي وعزيزة علي وموسى حوامدة وسارة القضاة وكرم يوسف ورامي سمارة وملاك خالد ونجوان درويش ويحيى أبو صافي وحسن عبد ربه المصري، الذين نشروا قراءاتهم وآراءهم ونقدهم أو قدموا دعمهم واهتمامهم بمجموعة "عن الحب والموت" القصصية التي سبقت هذه فشجعوني على الاستمرار، ولعبد الرزاق الحنيطي وعز الدين المناصرة وعبد الفتاح البستاني الذين أضاؤوا بعض مناطق معتمة ومنسيّة ساعدت في خروج بعض النصوص إلى النور، ولليلى الزعبي ومحمد فرج ولُمى قلعجي وكريستين حدادين وناصر أبو نصّار الذين قرأوا مسوّدات هذه المجموعة وأغنوها بتعليقاتهم وملاحظاتهم قبل النشر، ولمحمد الجرّاح الذي دقق المسوّدات لغوياً، ولدار الفارابي وموظفيه الذين تابعوا تفاصيل النشر وأخرجوا الكتاب بالشكل الجميل الذي هو فيه الآن، ولكلّ من قرأ مجموعتي السابقة أو هذه المجموعة واشتبك معهما سلباً أو إيجاباً.
كلّ هؤلاء الناس وتلك الأشياء صنعوا هذه المجموعة بشكلٍ أو بآخر. القدرةُ على التفكير التجريديّ التي يدّعي الإنسان تميّزه بها، والتي يموضع "أساتذتها" (من أدباء وكُتّاب وفنّانين وموسيقيين) أنفسهم بواسطتها على قمّة الوجود، هي ناتجٌ فرعيٌّ عن ذلك الوجود بالتحديد، ولهذا أقول: الكاتب الجالس منعزلاً في البرج العاجي، ليس كاتباً أصلاً، والأجدر به أن يقفز من فوقه ليلاقي حتفه.
مشاركات المستخدمين