تعاني دول العالم الثالث غالباً من مشكلات الوحدة الوطنية والاستقرار السياسي ، ولهذه المشكلات أسباب عدة ، وقد تجذرت بسبب وجود الظاهرة الاستعمارية ولا سيما المصحوبة بالاستيطان ، وفي ظل هذه الظاهرة نجد أن نمط العلاقة السائدة هو الاستبعاد ، لا الاستيعاب ، أو الا
أنت هنا
قراءة كتاب النظام السياسي ومشكلات الوحدة الوطنية في دول جنوب افريقيا
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

النظام السياسي ومشكلات الوحدة الوطنية في دول جنوب افريقيا
تــــمهيــد
تقع دولة جنوب أفريقيا في أقصى جنوب القارة الأفريقية ، وتبلغ مساحتها (1.221.137) كيلو متر مربع ، وبلغ عدد سكانها في منتصف عام 2000 حوالي 43.685.699 ([1]) مليون نسمة ومن اشهر مدنها بريتوريا العاصمة الرسمية وكيب تاون العاصمة التشريعية وبلوم فونتين التي تعد مركز السلطة القضائية في الدولة .
وتتمتع دولة جنوب أفريقيا بموقع استراتيجي مهم جداً ، إذ تطل على المحيط الأطلسي والمحيط الهندي ، كما انها ترتبط بحدود مشتركة مع عدد من الدول الأفريقية ، فتحدها ناميبيا من الجنوب الغربي وبتسوانا من الشمال الغربي وزيمبابوي من الجنوب وموزمبيق وسوازيلاند من الشرق ، ويحدها المحيط الأطلسي من الجنوب والغرب والمحيط الهندي من الجنوب الغربي ([2]) .
ان هذا الموقع الاستراتيجي المهم ، جعلها مطمعاً للمستعمرين الغربيين من هولنديين وبريطانيين ، وقد تهافتت عليها هذه الدول الاستعمارية في التاريخ الحديث للسيطرة عليها ، خصوصاً بعد اكتشاف المعادن الثمينة فيها مثل الماس والذهب .
ان إقليم جنوب أفريقيا لم يكن مثلما تدعي الدول الاستعمارية الغربية بأنها بلاد غير آهلة بالسكان ، بل كانت تقطن هذا الأقليم قبائل أفريقية مثل البانتو والهوتنتوت والبوشمن ، وقد دخلت هذه القبائل في حرب طاحنة مع المستعمرين الهولنديين أولاً والبريطانيين فيما بعد ، كان الفوز فيها حليف المستعمرين الغربيين ، بسبب عدم التكافؤ بين الطرفين ، وقد دخل المستعمرون في حرب طاحنة فيما بينهم (حرب البوير) للسيطرة على هذا الإقليم ، وقد نجحت بريطانيا في الحصول على حصة الأسد في أقاليم جنوب أفريقيا وتهجير أعداد كبيرة من البريطانيين واستيطان هذه الأقاليم وتكوين نظام استيطاني عنصري وذهب الاستعمار الهولندي بالاتجاه نفسه من عمليات تهجير واستيطان داخل أقاليم جنوب أفريقيا .
ان هذا الاستيطان جعل مجتمع دولة جنوب أفريقيا مجتمعاً معقداً من حيث تكويناته البنيوية ، وانتماءاته الدينية ، لذلك فهو مجتمع مركب ومن أهم سماته ذلك التوزيع العرقي الذي يمثل محور التطور الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والذي أثر بدوره على النظام السياسي ومشكلات الوحدة الوطنية ، وتحديد طبيعة مستقبل الدولة في ظل التطورات الديمقراطية التي حصلت في عقد التسعينيات.