أنت هنا

قراءة كتاب الهجاء عند جرير والفرزدق

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الهجاء عند جرير والفرزدق

الهجاء عند جرير والفرزدق

كتاب " الهجاء عند جرير والفرزدق " ، تأليف د. خالد يوسف ، والذي صدر عن مؤسسة الرحاب الحديثة للنشر والتوزيع .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
3
Average: 3 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 4

ففي هذا البيت كما في غيره، استند جرير إلى الواقع في هجائه. في حين اعتمد الأخطل على فنّه وخياله حين تناول المعنى نفسه (البخل) فقال:

قوم إذا استنبح الأضياف كلبهم قالوا لأمّهم بوّلي على النّار(11)

على العموم، لو تتبّعنا تاريخ الهجّائين في مختلف الآداب العالميّة، بما فيها الأدب العربي، لرأيناهم قد قاسوا من الحياة ما بغّضها إليهم، وحقّرها في نظرهم. فكان الهجاء عندهم نتيجة طبيعيّة لعقدة نفسيّة، وربمّا كان في كثير من الأحيان نتيجة مركّب نقص. فقد كان الحطيئة دميم الخلقة مغمور النّسب، وكان بشّار مشوّه الخلق وكان أبوه مولى مهينا، وكان الجاحظ أسود قصيراً دميماً... وكذلك شأن الهجّائين في مختلف الآداب(12).

وبعد هل تنطبق هذه الخصال، وخاصّة مركّب النّقص والعقد النّفسيّة، على هجّاءين فحلين كجرير والفرزدق؟

أ – جرير (30هـ - 111هـ):

هو ابن عطيّة بن حذيفة، ولقب حذيفة الخَطفي، وهو من بني كليب بن يربوع، ولدته أمّه لسبعة أشهر(13)، إنّه وضيع الحسب والنّسب، فقير الحال، كان أبوه عطيّة مضعوفاً، وكانت ضعة أبيه وسقوط قبيلته تؤلمه وتغيظه، فقد روي أنّه كان من أعقّ النّاس لأبيه(14).

سئل جرير: من أشعر النّاس؟ فأجاب السّائل: قم حتّى أعرّفك الجواب. فأخذ بيده وجاء به إلى أبيه عطيّة وقد أخذ عنزاً له فاعتقلها، وجعل يمصّ ضرعها، فصاح به: اخرج يا أبت، فخرج شيخ دميم رتّ الهيئة، وقد سال لبن العنز على لحيته. فقال: أترى هذا؟ قال: نعم، قال أو تعرفه؟قال لا. قال: هذا أبي، أفتدري لم كان يشرب من ضرع العنز؟ قلت: لا، قال مخافة أن يسمع صوت الحلب فيطلب منه لبن، ثمّ قال: أشعر النّاس من فاخر بمثل هذا الأب ثمانين شاعراً وقارعهم به فغلبهم جميعاً(15).؟

سواء أكانت هذه الواقعة حقيقّية أم مختلقة، فهي إن دلّت، إنّما تدلّ على خلّة الفقر وخصلة البخل عند عطيّة والد جرير، وهما (الفقر والبخل) آفتان كافيتان لنبش مكامن السّخط، والشّعور بالنّقص والمذلّة عند أيّ كان، وفي أيّ زمان. فكيف إذا اجتمعتا في فحل من فحول الشّعرالعربي كجرير؟ وفي زمن كزمنه ينبذ البخل ويحتقر الفقر؟

ب - الفرزدق (10هـ- 111هـ؟)

هو أبو فراس همّام بن غالب بن صعصعة بن ناجية بن عقال بن محمّد بن سفيان ابن مجاشع بن دارم(16). كان أبوه من جلّة قومه وسرواتهم، وله مناقب مشهورة ومحامد مأثورة(17).

الصفحات