أنت هنا

قراءة كتاب الهجاء عند جرير والفرزدق

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الهجاء عند جرير والفرزدق

الهجاء عند جرير والفرزدق

كتاب " الهجاء عند جرير والفرزدق " ، تأليف د. خالد يوسف ، والذي صدر عن مؤسسة الرحاب الحديثة للنشر والتوزيع .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
3
Average: 3 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 5

و(الفرزدق) هو لقب عليه، واختلف كلام ابن قتيبة في تلقيبه به. فقال: الفرزدق: قطع العجين، وإنّما لقّب به لأنّه كان جهم الوجه. كما قال: إنّما لقّب بالفرزدق لغلظه وقصره. والقول الأوّل أصحّ، لأنّه كان أصابه جدري في وجهه ثمّ برأ منه، فبقي وجهه جهماً متغضّناً(18).

مهما يكن، فكل من السّببين المذكورين في اللّقب، عاهة وصم بها أبو فراس قد تدفعه لإزدراء النّاس، وتطبعه بطبع فظّ غليظ. وقد أصاب منه جرير مقتلاً حيث قال:

لقد ولدت امّ الفرزدق فاسقاً

وجاءت بوزواز قصير القوائم(19)

والواقع، إنّ الفرزدق لا يعاب بآبائه وأجداده، فأبوه رئيس قومه، وكان جدّه صعصعة عظيم القدر في الجاهليّة، اشترى ثلاثين موءودة، وكان أوّل من أسلم من أجداده وذكر في جملة الصّحابة(20).

بناءً عليه، لعلّ فظاظة الفرزدق وغلظ طبعه قد تأتيّا من تلك العاهة التي شوّهت وجهه، أو من قصره وغلظه. فأصابت سهام هجائه أوّل ما أصابت أبناءه (لبطة وسبطة وحبطة، وركضه، وزمعه، وكلطه وجلطه)(21) ، أسماء لو شاء عدوّه أن يطلقها لما وفّق كما وفّق هو، وكأنّي به ينتقم من نفسه ويسخر منها ومن ذريّتها.

خاتمة القول: لا شكّ أنّ هناك مفارقة بين الشّعر الصّادر عن الكّد والإجهاد الذي يزيده تحليق الخيال جمالاً، وتزيده الصّناعة اللّفظيّة نشوة في الموسيقى، وبين الهجاء الذي يقوم على البساطة في التّعبير، ويعتمد على الواقعيّة بعيوبها، وبلغتها الشعبيّة في بعض الأحيان. فالغوص يتلفه، والتعمّق يلفّه بغشاوة تحجب الرّؤيا عماّ فيه من نقد لاذع ونكتة بارعة مضحكة.

الصفحات