أنت هنا

$5.99
لورنس في بلاد العرب

لورنس في بلاد العرب

المؤلف:

4.666665
Average: 4.7 (3 votes)

الموضوع:

تاريخ النشر:

2009
مكتبتكم متوفرة أيضا للقراءة على حاسوبكم الشخصي في قسم "مكتبتي".
الرجاء حمل التطبيق المجاني الملائم لجهازك من القائمة التالية قبل تحميل الكتاب:
Iphone, Ipad, Ipod
Devices that use android operating system

نظرة عامة

لم تكن الإنجازات المذهلة لثوماس ادوارد لورانس، ذلك الشاب خريج جامعة أكسفورد، معروفة للناس عند انتهاء الحرب العالمية الأولى. ومع ذلك، وبهدوء، ومن دون أية إعلانات وعناوين صحف مسرحية أو جعجعة وتطبيل، فقد ساهم في توحيد القبائل البدوية المتفرقة في حملة موحدة ضد مضطهديها الأتراك، الأمر الذي لم يتحقق منذ قرون من قبل خلفاء وسلاطين ورجال دولة.
لقد وضع لورانس نفسه في قيادة جيش شريف مكة، الذي أعلن فيما بعد ملكاً على الحجاز. وساهم في توحيد قبائل الصحراء الرحل، وفي إعادة الأماكن المقدسة الإسلامية لأبنائها وإخراج الأتراك من البلاد العربية إلى الأبد. ولقد حرر اللنبي فلسطين، الأرض المقدسة لكل من المسلمين والمسيحيين واليهود، كما ساهم لورنس في تحرير الجزيرة العربية، الأرض المقدسة لملايين المسلمين.
وقف هذا الرجل الانجليزي ذو الخمسة أقدامٍ طولاً أمامي وهو يرتدي كوفية من الحرير الأبيض مزخرفة بالذهب ويضع عليها عقالاً منسوجاً من الصوف الأسود وملفوفاً بأربطة وخيوط فضية وذهبية. وعباءته السوداء الثقيلة المصنوعة من شعر الجمل تغطي ثوبه ناصع البياض ويضع حول خصره حزاماً ثبّت عليه خنجراً معقوفاً خاصا بأمير مكة. لقد أصبح هذا الشاب حاكماً فعلياً وقائداً لعدة آلاف من الرجال البدو الذين يمتطون الجمال السريعة والجياد العربية الأصيلة. لقد كان مرهباً للأتراك.
ومن خلال اكتشافه بأن علم الآثار كان يستهويني، فقد أصبحنا متعارفين بشكل أفضل خلال الأيام التالية من لقائنا في القدس قبل أن يعود إلى جيشه العربي. وأمضينا ساعات عديدة سوياً، مع أنني لم أكن أشك في أنه من الممكن أن يكون لي حظ جيد فأنضم إليه فيما بعد في الصحراء.
وكان، عندما نكون برفقة ضباط أو مجتمعين معهم، غالباً ما يجلس في إحدى الزوايا، منصتاً بانتباه لكل ما كان يقال، إلاّ أنه لم يكن يساهم أو يشترك في الحديث إلا نادرا. وعندما نكون لوحدنا كان ينهض من على كرسيه ويجلس القرفصاء على الأرض في زيه البدوي، غير أنه خجل عندما فعل ذلك أمامي أول مرة، وبرر تلك الطريقة الغريبة في الجلوس قائلاً إنه قد مكث لفترة طويلة في الصحراء بحيث أصبح يجد نفسه غير مرتاح في الجلوس على كرسي. ولقد قمت بمحاولات عديدة لحثه على أن يحدثني بشيء ما عن حياته ومغامراته في الصحراء، إذ أن بضعة أوروبيين فقط، باستثناء السير ريتشارد بورتون وشارلز دوفتي، قد تجرأوا على القيام بمثل هذه المغامرة من قبله. غير أنه كان دائماً يغير هذا الموضوع ببراعة متحولا إلى موضوع علم الآثار أو الدين المقارن، أو الأدب الإغريقي، أو إلى السياسات الشرقية. وحتى فيما يتعلق بارتباطه بالجيش العربي فإنه لم يكن يقول شيئاً بهذا الشأن، ما عدا أنه كان يعطي الفضل في كل شيء يحدث في حرب الصحراء للزعماء والقادة العرب، أو إلى كل من نيوكمب، جويس، كورنواليس، داوناي، مارشال، ستيرلينج، هورنبي، وغيرهم من زملائه البريطانيين الآخرين.
وبالتأكيد فإن القدر قد لعب مع لورنس دورا أكثر مما اختار، إذ أن هذا الرجل خريج جامعة أكسفورد الذي كان يلعب دوراً رئيساً في تحرير البلاد العربية، كان طموحه في الحياة أن يحفر في خرائب الآثار وأن يكتشف ويدرس تاريخ المدن المنسية منذ زمن طويل.