أنت هنا

قراءة كتاب اصوات مراكش

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
اصوات مراكش

اصوات مراكش

رواية "أصوات مراكش" أقرب إلى معمار موسيقي شديد الرهافة والدقة والجبروت في آن معاً. ونحن على امتداد صفحاته نجد أنفسنا حيال ثلاث حركات متمايزة ومتناغمة تجسِّد روح العمل.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 1
مقدمة المترجم
 
(1)
 
إنها كتابة تمنح موضوعها سيولة، تتيح لأجزائه أن تنتقل وتتقاطع وتتوالد وتتآلف، إنها كتابة يلعب الهواء الحر بين سطورها، تقرأ على إيقاع التنفس الصباحي.·
 
بهذه الكلمات أختتم ما يمكن أن نصفه بأوفى محاولة للرحيل في النسيج العقلي لإلياس كانيتي، بقلم عربي· مع ذلك فإن الانبهار والإحساس بالمفاجأة اللذين يضخانها لم يقتصرا على صاحب هذه الكلمات وحدها، وإنما كمنا في الحقيقة في صلب الجانب الأعظم من محاولات تلمس أبعاد عالم كانيتي·
 
تضم أعمال كانيتي رواية طويلة، ثلاث مجموعات من المقالات، دراسة هائلة للظاهرة الجماهيرية استغرق إعدادها ربع قرن من الزمان، مسرحيات عدة، وسيرة حياة ذاتية· مع ذلك، فحينما أعلنت لجنة جائزة نوبل فوز إلياس كانيتي بأعظم جائزة للآداب في العالم؛ تساءل النقاد والكتاب الاختصاصيون على امتداد العالم في غير قليل من الحيرة: من الرجل؟ وما أعماله؟
 
حين صدرت رواية كانيتي الموسومة .أوتو دافي. لأول مرة عام 1935 مفجرة، في إطار من الكوميديا السوداء، هجوماً بالغ العنف على الفاشية، وموجهة نقداً شديد المرارة للقوى التي ساهمت في انهيار النزعة الإنسانية الليبرالية، صدر قرار فوري بحظر تداولها في ألمانيا، وقدر لها أن تنتشر كاللهب في سبع عشرة دولة، لكن ناشر الترجمة الإنجليزية في لندن، حيث يقيم مؤلفها، أسقطها من قائمته في عام 1978 خلال المراجعة الدورية المعتادة، ولم يقدر لأعماله التالية أن تجتذب اهتمام الكثيرين من النقاد أو الكتاب، دع جانباً القراء، الأمر الذي ترك الكاتب البلغاري المولد وسط ظلال، جابه محاولة الرحيل عبرها عقب فوزه بجائزة نوبل بقوله: .من يرد الإلهام بشيء عني فعليه بقراءة كتبي.·
 
غير أن مذكرات كانيتي الموسومة .اللسان طليقاً. لا تفض أسرارها بسهولة للقارئ وإنما تدعو، لرحلة طويلة عبر شعاب وعرة·
 
ولد كانيتي عام 1905 في بلغاريا، ثم انتقلت أسرته عقب ذلك إلى إنجلترا· تلقى تعليمه في هذه الأخيرة، وكذلك في النمسا وسويسرا وألمانيا، وحصل على درجة الدكتوراة في الكيمياء من جامعة فينا عام 1929، غير أنه قرر أن يشق مجرى حياته في عالم الكتابة· ورغم تملكه لناصية ثماني لغات، إلا أنه آثر دائماً الكتابة بالألمانية، التي كانت لغة الحديث في أسرته، وحتى عقب نفيه من فينا في 1938، إثر قيام النازي بضم النمسا، واصل الكتابة بالألمانية، ورغم حصوله على الجنسية البريطانية، وإقامته في لندن منذ ما قبل الحرب العالمية الثانية، فما يزال يكتب بالألمانية حتى اليوم·
 
يسود أعمال كانيتي شعور عنيد بالخصوصية الفردية، المتدافقة بالأفكار، وتدل كتبه على نطاق هائل من الاهتمامات، لكنها تفصح كذلك عن انضباط عقلي صارم، قل نظيره في عالم فكري يميل إلى طرق أقصر الدروب، وإلى الانقياد من الاستسهال إلى التسيب، بحجة مواكبة إيقاع الحياة عند المنعطف الرابع للقرن العشرين·
 
رغم محاولات التعرف العربية، التي بذلت عقب فوز كانيتي بجائزة نوبل، فإن الرجل لا يزال في أذهاننا شبحاً ضبابياً، ويظل -دونما إجابة مقنعة- سؤال محدد: ما هو جوهر العالم الخلفي الذي انبثق منه فكر كانيتي، وبأي معنى يمكن لنا نحن العرب أن نلج مداخل هذا العالم؟

الصفحات