أنت هنا

قراءة كتاب يافا تعد قهوة الصباح

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
يافا تعد قهوة الصباح

يافا تعد قهوة الصباح

تدور أحداث رواية "يافا تعد قهوة الصباح" في مدينة يافا الفلسطينية وقرية بيت دجن القريبة منها في أربعينيات القرن الماضي. الرواية لا تتحدث عن رحيل ومهجرين ومخيمات لجوء بل عن أسواق وحمامات تركية ورحلات عائلية الى شاطئ طبريا وسهرات في ملاه ليلية.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 1
حكاية الحكاية
 
الموضوع لا يؤرق محمود عباس، على ما يبدو، ولا يقض مضجع النمر، الذي دوخ فرقة المستعربين في الانتفاضة الأولى، ولم تستطع إلقاء القبض عليه· ثقة الأستاذ أديب لا يهزها شيء، وكذلك حماسة جارتنا أم محمد للحق المغتصب
 
أما أنا فلم أعد أحس أنني أقف على أرض صلبة، ليس فيما يتعلق بقناعتي الشخصية، بل بقدرتنا على ايصال الحقيقة للآخرين بقناعتنا وحدها·
 
وما يعنينا من الأخرين؟ يستنكر الكثير من أبناء الوطن الطيبين، بحماسة لم تساعدنا كثيراً حتى الآن·
 
فضلا عن ذلك فموقفنا متذبذب: حين يتمكن بعض الأوروبيين، بمجهودهم الخاص، من الوصول إلى حقيقة ما يجري في بلادنا، يواجهون بحفاوة وترحاب من أولئك الذين يتبجحون بأن رأي الآخرين لا يهمهم·
 
أما حين يتعلق الأمر بأعمال تحرج أولئك الذين يتظاهرون في ليالي كانون القارسة البرد في ميدان الطرف الأغر تضامنا مع غزة، فتجد جماعتنا يحتدون ويتبرأون من الأجانب الذين لا يفهمون قضايانا ولا يحسون بمعاناتنا
 
بالنسبة لي الآخرون ليسوا أداة دعائية أستلها حين تخدمني، وألقي بها في أقرب مصب للعنات حين تحرجني أخلاقيا·
 
الآخرون بالنسبة لي متطلب لتعزيز إحساسي بأننا جزء من هذا الكل البشري· لا نستطيع أن نقاوم صقيع هذا العالم بحرارة دمنا وحدها، جرعة من الدفء الإنساني القائم على الإحساس بالانتماء قادرة على تخفيف شعورنا المؤلم بالعزلة·
 
من الصعب ان تقنع أولئك الذين اعتادوا على رؤية العالم، من خلال تلك المسلمات التي نشأوا عليها، أن هناك الكثير من البقع المظلمة في وضعنا تحتاج للإضاءة، وأن الكثيرين في هذا العالم الواسع ليسوا شريرين بالضرورة، بل هم بحاجة إلى كشافات قوية تبدد تلك البقع المظلمة·
 
أستعيد المرارة التي كانت تتحدث بها صديقتي البريطانية كيتي، أثناء انتظارنا في مطار القاهرة موعد إقلاع طائرتنا إلى لندن·
 
لا تفهم كيتي لماذا يتحول أي فلسطيني وديع إلى صقر جارح إذا اكتشف أن محدثته الاجنبية لا تعرف ما يكفي عن قضيته؟ لماذا يبدأ بالزعيق ويتحول إلى كتلة من العدوانية؟ وهل يدرك أنه بذلك يقتل كل رغبة عند الطرف الآخر بالاستماع إليه؟
 
ولكن من أين نبدأ؟ كيف نحدد موقع الفصل الأول في روايتنا، ونحن نرغم في كثير من الأحيان على البدء في المنتصف؟ ويتدحرج الفصل الأول مع مرور الزمن، فيوما ما كانت بداية الحكاية بالنسبة للعالم خطف الطائرات، أما الآن فيصر على فتح الستارة على مشهد التفجيرات الانتحارية· ونحن نسمح له بجرنا إلى اللعبة، ونبدأ بالمرافعة الإيديولوجية في منتصف القضية، نحتد ونوزع الاتهامات ونشتم القريب والبعيد، أما الطرف الآخر فيفاجؤنا وسط الزعيق بأن يقول بهدوء كش ملك، وتنتهي جولة أخرى من السجال الذي استخدمنا فيه سلاحا وحيدا: عواطفنا البائسة، بتسجيل هزيمة أخرى·
 
ماذا لو حاولنا التعامل مع الأسئلة المشروعة لذوي النوايا الطيبة حول مسلماتنا؟
 
هناك الرواية الأخرى، رواية الطرف الآخر، التي طالما تجاهلناها بإباء وشمم لم يساعدنا في الوصول إلى ضمير العالم، بل جعل الطريق سالكة أمام الطرف الآخر·

الصفحات