أنت هنا

قراءة كتاب أسس الفكر القومي العربي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أسس الفكر القومي العربي

أسس الفكر القومي العربي

بدأت فكرة هذا الكتاب من ضرورة تجميع نصوص مختارة لكتاب قوميين تعرّف الشباب العربي بالفكرة القومية العربية ومعناها وأسسها. ما هي القومية العربية؟ وما هو الوعي القومي؟ ومن هم بعض أهم الكتاب القوميين الذين أسسوا الفكر القومي العربي أو أثروه؟

تقييمك:
4
Average: 4 (1 vote)
الصفحة رقم: 4
عوامل القومية -ساطع الحصري
 
( من محاضرة ألقيت في نادي المعلمين في بغداد عام 1928، وصدرت في كتاب: ساطع الحصري [ أبو خلدون ]، أبحاث مختارة في القومية العربية، التي كتبها ونشرها المؤلف في تواريخ مختلفة، 1923-1963 (القاهرة: دار المعارف، 1964)، الجزء الأول، ص: 38 – 56. )
 
إذا ألقينا نظرة عامة على الانقلابات السياسية التي حدثت منذ أوائل القرن التاسع عشر، وتحرينا أهم العوامل التي أدت إلى تلك الانقلابات، نجد أنها تتلخص في عبارة وجيزة هي: مبدأ القوميات.
 
فإن النزعات القومية التي كانت ضئيلة الأثر وقليلة الظهور حتى ذلك التاريخ، أخذت تتقوى بعد ذلك بسرعة هائلة، وأصبحت تفرض نفسها على اتجاهات السياسة، وتسيطر على سير التاريخ. فكثير من الأمم المغلوبة على أمرها أفاقت من سباتها، وأخذت تشعر بكيانها الخاص، وصارت تسعى إلى تدعيم هذا الكيان بالحكم الذاتي أولاً، وبالاستقلال التام ثانياً. على حين أن السلطنات التي كانت قائمة قبلاً، أخذت تتقلص شيئاً فشيئاً، إلى أن اندرس معظمها، تاركاً محله لدولٍ قومية عديدة. وبدأت هذه القوميات تختلف وتتنازع، وظهرت من جراء ذلك مسائل الأقليات وما يتبعها من المشاكل والاختلافات.
 
وإذا استعرضنا سير هذه الانقلابات، وجدنا أن جماعات من الناس اعتبرت نفسها من قومية واحدة، وأخذ أفرادها يشعرون أنهم أبناء أمة واحدة، متميزة من الأمم الأخرى، وصاروا ينزعون إلى الاستقلال عنها.
 
فيجدر بنا أن نتساءل: ما هي العوامل التي تجعل بعض الناس يشعرون أنهم أبناء أمة واحدة، متميزون من أبناء الأمم الأخرى؟ وبتعبير أقصر: ما هي العناصر التي تكون الأمم، والعوامل التي تميز بعضها من بعض؟
 
إن الأجوبة التي أعطيت عن هذه الأسئلة اختلفت كثيراً باختلاف الباحثين. ذلك لأن هذه الأبحاث لم تبقَ في نطاق المسائل العلمية البحت، بل تأثرت كثيراً بنزعات السياسة ومطاليبها.
 
فإن كل جواب على هذه الأسئلة لا بد أن يؤيد أو يفند إحدى النظريات السياسية، ولا بد من أن يأتي موافقاً أو مخالفاً لمطاليب أمة من الأمم أو دولة من الدول.
 
ولذلك تجد أن العلماء والباحثين اختلفوا في هذا الأمر اختلافاً كبيراً، بسبب اختلاف نزعات الأمم التي ينتمون إليها، حتى إنَّنا كثيراً ما نجد بينهم من لم يتورع عن جمع المتناقضات أيضاً، فإنهم يقولون بنظرية في بعض القضايا، وبنظرية مخالفة لها في قضايا أخرى مماثلة لها، وذلك حسب ما تقتضيه منافع الدول التي ينتسبون إليها.
 
فيجدر بنا أن ندرس هذه المسائل بحذر شديد، وأن نناقش الآراء والنظريات التي حامت حولها بانتباه تام.

الصفحات