قراءة كتاب فتيان الزنك

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
فتيان الزنك

فتيان الزنك

كتاب " فتيان الزنك " ، تأليف : سفيتلانا أليكسييفيتش ، ترجمة :

تقييمك:
5
Average: 5 (2 votes)
الصفحة رقم: 4

- «مامكا، اسكتي!».

عندما كان يغادر البيت كنت أعيد قراءة رسائله من أفغانستان، وأردت استكشاف دخيلته وفهم ما يحدث له. لم أجد فيها أي شيء يستحقُّ الذكر، فقد طلب في إحداها أن تُصوَّر الجدَّة على الثلج وأن ترسل صورتها إليه. لكنني كنت أرى وأحسُّ أن أمراً ما يحدث له. لقد أعادوا إليَّ شخصاً آخر، وليس ولدي. لقد أرسلته بنفسي إلى الجيش، بالرغم من أن موعد الخدمة قد أُجِّل بالنسبة إليه. لقد أردت أن يصبح رجلاً جريئاً وجسوراً. وكنت أقنعه وأقنع نفسي بأن الجيش سيجعله أفضل وأقوى جسداً وروحاً. أرسلته إلى أفغانستان مع الجيتار، وأقمتُ لتوديعه احتفالاً أترعت المائدة فيه بكل ما لذَّ وطاب. ودعا هو أصدقاءه والفتيات... وأذكر أنني اشتريتُ عشر كعكات.

لقد تحدَّث مرَّة واحدة فقط عن أفغانستان. في إحدى الأمسيات جاء إلى المطبخ، حيث كنت أطبخ طبق أرنب. كانت القصعة ملطَّخة بالدم. مرَّر أصابعه على الدم وتطلَّع إليه، وقال لنفسه:

- «جلبوا صديقي وبطنه ممزَّق... فرجاني أن أطلق النار عليه... وقد فعلت...».

الأصابع ملطَّخة بالدم من لحم الأرنب، إنه طري... أمسك بهذه الأصابع سيجارة وخرج إلى الشرفة. ولم ينبس بأية كلمة في ذلك المساء.

راجعتُ الأطبَّاء. أعيدوا إليَّ ولدي! أنقذوني! ورويت لهم كل شيء... اختبروه، وفحصوه، لكن لم يجدوا لديه شيئاً غير التهاب جذور الأعصاب.

حدث مرَّة أن عدتُ إلى البيت فوجدتُ أربعة شبَّان غرباء يجلسون وراء المائدة.

- «مامكا إنهم من أفغانستان. لقد وجدتهم في محطَّة القطار. لا يوجد لديهم مكان للمبيت».

* «سأعدُّ لكم فطيرة سكرية الآن. فوراً».

الصفحات