أنت هنا

قراءة كتاب فلتغفري

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
فلتغفري

فلتغفري

رواية "فلتغفري"؛ سألتكِ يوم ذاك إن كنتِ مسترجلة، أذكر كيف رفعتِ رأسكِ، وكيف سدّدتِ نظرتكِ الحادة تلك كقذيفة من لهب... كانت نظراتكِ شهية رغم حدتها ورغم تحديها.

تقييمك:
4.09525
Average: 4.1 (21 votes)
الصفحة رقم: 9

لم أكن أعلم أن الثقة هي أجمل ما في الحب.
الثقة التي تجعلنا ننام كل ليلة ونحن ندرك أن الحب سيظل يجمعنـا، أننا سنستيقظ في الغد لنجد الطرف الآخر عاشقاً لنا وغارقاً بنا، مثلما نام وهو عاشق غارق.
أجمل ما في الحب هي تلك الثقة في أننا سنكبر معاً، سنفرح معاً، نبكي معاً، نمرض معاً، ونظل أوفياء لبعضنا بعضاً حتى لو اختطف الموت أحدنا.
قلت لك يوماً: سأوصيك شيئاً.
- أخبرني.
- لو مت قبلك!، فرضاً مت، لا تتزوجي من بعدي.
قلت بسخرية مريرة: يعني لا أتزوجك ولا أتزوج من بعدك، لا ترحم ولا تخلّي رحمة ربنا تنزل؟!
شعرت بالمرارة، فأشحت بوجهي بعيداً ولم أرد، أما أنتِ، فقد بدأ الندم ظاهراً على ملامحك، فأخذت ترسمين بإصبعك على ظهر يدي مداعبة، قلت بعد صمت: حسناً أنا موافقة، ماذا أيضاً؟!
قلت: هناك أمر آخر، لو مت هنا، لا تسمحي بأن أدفن وحيداً، أعيديني إلى الوطن، ادفنيني حيث أكون قريباً من والديّ!
لمع الدمع في عينيك تأثراً: أعدك بذلك، هل لي أن أوصيك أيضاً بأمر تفعله إذا متُّ؟
قلتَ بسخرية: أنت موتي بس وفكيني وأبشري بالخير!
ضربت يدي بيدك: بسم الله عليّ، المهم بوصيك!
أشرت بإصبعي الصغير في وجهك: أشيري بإصبعك فقط.
- لدي طلب واحد، لو مت أنا، أريدك أن تكون سعيداً، لا تحزن أرجوك!
شعرت حينئذ بالغصة تتكور في حلقي، غضبت جداً، غضبت لأن الله جعل في حياتي فتاة تعذبني طيبتها، فتاة مفرطة الرقة لدرجة تصهر المشاعر وتخنقها، فتاة أدرك تماماً أنها تحبني لدرجة لا أستحقها.
شعرت حينئذ بالرغبة في أن أدخلك داخل قميصي، أخبئك تحته، أن أحتضنك حتى تلامسين عظامي، وتمتزجين مع أوردتي، شعرت أنني أريدك كثيراً، لا رغبة بكِ، بل حاجة إليكِ.
شعرت بالحب والخوف والحزن، والعجز أمامكِ، قلت لك بصوت مختنق: لا قدرة لي على أن أعدك بهذا!
ابتسمت بدلال من يعرف الإجابة: لماذا؟
- لأنني لن أسعد بدونك يوماً.
- هل ستتزوج غيري؟
- أظن بأنني سأفعل!
عقدت حاجبيك مستنكرة: أتمزح؟
- لا، ألن تتزوجي غيري لو مت؟
- لا طبعاً لن أتزوج، أرأيت الفرق بيننا؟، أنت من اعترف توّاً بأنه سيتزوج لو فارقت الحياة!
قلت مازحاً: إذا مت إن شاء الله، يحلها الحلال!
ضربت يدي مرة أخرى، وقضينا يومنا بأكمله وأنت تدعين الله بلسان لاهج أن لا تموتي حتى لا أتزوج من أخرى!
كنت أرقب غضبك مبتسماً وأنا أفكر، ألم يخطر ببالك أنني من دونك قد أموت فعلاً!
*****

الصفحات