أنت هنا

قراءة كتاب فلتغفري

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
فلتغفري

فلتغفري

رواية "فلتغفري"؛ سألتكِ يوم ذاك إن كنتِ مسترجلة، أذكر كيف رفعتِ رأسكِ، وكيف سدّدتِ نظرتكِ الحادة تلك كقذيفة من لهب... كانت نظراتكِ شهية رغم حدتها ورغم تحديها.

تقييمك:
4.09525
Average: 4.1 (21 votes)
الصفحة رقم: 10

علاقتي بهيفاء لم تكن علاقة حب ولا حتى تشبه علاقات الحب.
عرفت هيفاء قبل مجيئكِ بسنة، كانت قد جاءت توّاً من الكويت، لكنها لم تكن كأي طالبة خليجية مستجدة، لم تكن خجولة ولا ضعيفة ولا حتى متوجسة من زملائها الذكور من الخليجيين، رغم أن العادة جرت على أن الزميلات يجئن بعقليات متشربة بالحذر من زملائهن الذكور، وبنصائح وتوصيات تلح على ضرورة الابتعاد عنهم قدر الإمكان، وبعد فترة بسيطة، وبعد أن يندمجن بالمجتمع الجديد، نجد أنهن قد أصبحن أقلّ حذراً، فيخرجن من حالة التوجس تلك، لكن هيفاء لم تعش تلك الحالة قطعاً.
عندما دلفت هيفاء إلى مجتمع الطلبة الخليجيين، دلفت بضجيج صاخب وبعنفوان وقوة لا قدرة لأحد على إنكارهما؛ كانت صارمة، تأخذ كل ما تريده من دون مراعاة لأي أحد، لم تكن تخنع لأحد، ولم تكن تضعف أمام شيء، كانت ملحة، عنيفة الأفعال، حادة المزاج وسليطة اللسان.
لذا كان يخشاها الجميع، ويتنازلون عن كل ما ترغب به لها طواعية خوفاً من أن يدخلوا معها في جدال، لكنني لم أكن مثلهم، كنت أعاندها في كل شيء، أجادلها في كل قرار، وأتحداها في كل ما ترغب الحصول عليه، ربما لأن قوتها وعنادها كانا يستفزانني أو ربما لأن سلاطة لسانها كانت تروق لي!
لا أعرف حقيقة بماذا شعرت وقتذاك، وكيف شعرت به، لكنني أعرف أنني أردت أن أخضعها لي وقتذاك، أن أجذب انتباهها إلي، أن أوقعها بي لأن شيئاً ما لم أفهمه كان يشدني إليها.
شيئاً فشيئاً وجدتها تتخذ السياسة ذاتها تجاهي، كانت تفعل معي الأمر عينه، وقد كان من حولنا يسخرون من كراهيتنا العلانية لبعضنا بعضاً.
لم يفهم أحد سواي وإياها أنها كانت طريقتنا الخاصة لتأجيج رغباتِ بعضنا تجاه بعض، كنت أعرف أن هيفاء قد وقعت بي، وكنت أدرك تمام الإدراك أنها باتت تعرف أنني أريدها، ولم يكن يقف بيننا سوى عنادي وكبريائها، وخطوة أولى تنتظر أن يقدم أحدٌ منا عليها.
اتصلت بها في إحدى نهايات الأسبوع لأبلغها بعقد نشاط اجتماعي خليجي في الغد، كان الاجتماع ملحاً ومبكراً للتنسيق لإحدى الفعاليات، فعرضت عليها مجازفاً أن أعرج عليها لأقلّها في الصباح، فوافقت على مضض، وأملتني العنوان متفقين على الساعة التاسعة والنصف، لكنني وقفت أمام عمارتها في التاسعة صباحاً، فأجابتني على الهاتف بأنها انتهت توّاً من الاستحمام، وبحاجتها لبعض الوقت لتنتهي من استعداداتها، قلت لها: لا بأس، خذي وقتك!
طلبت مني أن أصعد لتناول القهوة بينما تنتهي من الاستعداد، عجبت لجرأتها وصعدت بقلب يرتعش وأنا أعرف أن خروجي من هناك لن يكون كخروجي منه لاحقاً.
عندما فتحت لي الباب، باب الشقة عينها التي تسكنينها الآن، كانت ترتدي منامة طويلة، ولم تكن تضع أية زينة، كان شعرها مبللاً فقط، وملامحها في غاية البساطة، كنت أنظر إليها لأول مرة بلا مساحيق تجميل، لكنها رغم ذلك كانت في أجمل حالاتها، ولا أدري حتى الآن إن كانت فعلاً جميلة أم أن الشيطان قد زينها لي وقتذاك!
قلت لها: ليه تحطين مكياج؟! كذا أحلى.
أغلقت الباب خلفي مرتبكة: تدري شكثر أحب «كذا» مالت السعوديين؟ مع أني كلش ما أحب حجيهم.
أجبتها وأنا أجلس: يعني ما يعجبك بالسعوديين إلا «كذا»؟
قالت وهي تضع القهوة أمامي: همّ أحب «مرة» و«كمان».
قلت لها مبتسماً: طيب أنتِ مرة حلوة بدون مكياج.
ابتسمت: مشكور.
- وشكلك مثير كمان!

الصفحات