قراءة كتاب موسوعة الفرق والجماعات والمذاهب والأحزاب والحركات الإسلامية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
موسوعة الفرق والجماعات والمذاهب والأحزاب والحركات الإسلامية

موسوعة الفرق والجماعات والمذاهب والأحزاب والحركات الإسلامية

كتاب " موسوعة الفرق والجماعات والمذاهب والأحزاب والحركات الإسلامية " ، تأليف د. عبد المنعم الحنفي ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي عام 2005 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: مكتبة مدبولي
الصفحة رقم: 1

مقدمة الطبعة الثالثة

بين الطبعة الثانية وهذه الطبعة من كتاب الفرق جرت مياه ، ومرت سنوات ، ووقعت أحداث على غير ما نشتهى وما كنا نأمل ، ولم يخلق الله الابتلاء إلا لكى يجلو معدن الناس ، وما كان الله ليغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم ، ولقد اضمحلّت جماعات وحركات وأحزاب ، وقامت أخرى مكانها، وإنما المحصلة النهائية أن حركة التاريخ مستمرة، والوعى يزداد ، ومع زيادة الوعى تنتشر الثقافة ، وتترسّخ الحضارة، ويتشكّل العقل أو الروح ، ويُعرف الحق والواجب ، وتتكوّن الدولة ، وهى مشيئة الله على الأرض ، ولكن لكى يعترف بها الناس لابد أن تعترف بهم ، وأن تقوم العلاقات بينها وبينهم ، وبين الأفراد بعضهم ببعض ، وبين الدول ، على مبدأ الحق ، ولم أر فى الوجود ما هو أسوأ من الاستبداد ، وما يفعله المستبد فى الإفساد لَشىءٌ فظيع ، وليس صحيحًا أن هناك مستبدًا مستنيرًا ، والأسوأ أن يكون المستبد عميلاً للإمبريالية ، وخادمًا للرأسمالية ، وهذان نظامان ضد الدين والإيمان ، وطريقهما طريق الحرب، ويتميّز بالشوفينية والعدوانية ، وقد تُفرض الحرب علينا، وكثيرًا ما تُفرض على الأمة الإسلامية حروبًا نضطر لخوضها لتحرير الأوطان . وظهور الجماعات والحركات يزيد وقت الأزمات وأثناء الحروب ، وهى ليست عن انقسام واختلاف، وإنما لها دورها فى رفع المظالم وتصحيح الأوضاع. وتصنع حروب التحرير تاريخ الأمة، والتاريخ ليس عمل الصدفة ، فطالما أنه حركة جدلية لمختلف الآراء والجماعات والأحزاب فهو فِعْل العقل . والتاريخ بناء معقول وليس قصصًا تُروَى، وبناؤه المعقول هو تطور الحرية ، ووجود الجماعات والأحزاب معناه أن الحرية مستمرة فى التطوّر ، فإن قُيِّدت توقف تطوّر الحرية، فيتوقف تطوّر العقل، وتتوقف الحيـاة ، ويصبح العيش مملاً كئيبًا لا يُحتمل ... أجل ، إن العيش فى ظل دولة ، لا جماعات وحركات فيها ، ولا أحزاب، شىءٌ لا يطاق، والحياة فى دولة بوليسية يحكمها رجل واحد ، وحزب واحد، ومجموعة من الانتهازيين والفاسدين، فلا صوت إلا أصواتهم ، ولا رأى إلا رأيهم ، أدعى لأن يتداعى فيها الناس بالجنون !! وقد نثابر ونصبر لأننا نرى الإسلام فى صحوة رغم كل شىء، وصحوة الإسلام تتحدّى العصر ، وتتوجه نحو تأصيل الهوية الإسلامية، والاستمساك باللغة القومية ، وبالدين ، رغم أن الطبقة المثقفة عندنا طبقة عميلة، تعانى من مركّبات النقص ومشاعر الدونية ، وترضى أن تكون تابعًا ، فتلبس كالغربيين ، وتفكر مثلهم ، وتتحدث لغاتهم، وتأخذ بقشور الحضارة؛ والنتيجة أن الصيغ الفكرية عندنا، أدبية وفنية واجتماعية، أصبحت صيغًا عميلة وعليلة ، ترسّخت بسطوة وديكتاتورية حكومات عميلة، وحكّام من العملاء ، جُنِّدوا لخدمة الاستعمار والإمبريالية، وسُلِّحوا بأجهزة بوليسية قمعية ، حتى أن الدول العربية والإسلامية تحوّلت جميعها إلى معتقلات ، وصودرت فيها كل مظاهر الحرية ، وكُمِّمت الأفواه. واستجابت الحكومات لمطالب الأجنبى حتى وإن كانت هذه المطالب مصدرها إسرائيل ، وعُمِّمت بدائل على الناس ترددها وسائل الإعلام الحكومية ليل نهار ، وجُرِّدنا من أخلاقنا وقيمنا وديننا ولغتنا وهويتنا باسم الديموقراطية والليبرالية والعولمة . غير أن الأمل ما يزال معقودًا بطائفة من الأمة ، كقـوله ، يحاولون التغيير باسـتمرار ، ويجاهدون فى سـبيله ، ويضحّون من أجله ، ويصبرون على السعى لإقامة الإسلام ، وتحرير الأرض والوعى من الأجنبى ، وإن بدا أنهم ما يزالون لا يعرفون تحديدًا نوع الحلّ البديل ، الأمر الذى يجعلهم براجماتيين ، يؤجّلون الخوض فى نوعية الحلول إلى أن يُواجَهوا بضرورات التغيير، وبمقتضيات الحكم إذا آل إليهم، وإذا تحققت به أحلامهم، فى حكومة إسلامية رشيدة تحكم باسم شعوب أمة الإسلام . والاختلاف قد يكون حتميًا بين مختلف التصوّرات، بحسب اختلاف المجتمعات والتقاليد والعادات ، ولذلك تكثر الفرق والجماعات والأحزاب ، ولها جميعًا اجتهادات فى تصوّر نظام الحُكم الرشيد - هل هو الخلافة الرشـيدة كما فى عهد الخلفاء الراشدين؟ أم هو المَلَكية الوراثية كما فى العهود الأموية والعباسـية والفاطمية ؟ أو هو النظـام الديمقراطى البرلمانى ، أو الجمهورى الرئاسى؟ أو هو نظام يجمع بين كافة الأنظمة ؟ أو هو نظام ولاية الفقيه كما فى إيران؟ أو أنه نظام لم يتبلور بعد فى أذهاننا، وإن كان يقوم أساسًا على القرآن والسُّنة ؟ ونحسب أن عدم حسم هذه المسألة هو ثُلمة فى التفكير السياسى والإسلامى ، وفى التأسيس لفقه الدولة المسلمة؛ وكان الطهطاوى (1801-1873) يتصوّر الحكومة الإسلامية فردية استبدادية، وإن كان هدفها حفظ الشريعة وإقامة العمران، بحسب مصالح الأمة، ووفق رؤية الحاكم وحاجة المحكومين . وولاية الحاكم من الله ، ويساعده أهل الرأى ، غير أنه هو الذى يرجّح هذا الرأى ويرفض الرأى الآخر ، ولا حسيب عليه سوى ضميره ، والخروج عليه لا يجوز وإنْ كان فاسقًا أو جاهلاً أو ظالمًا، وعلى عكس ذلك كان الأفغانى (1838-1898)، فكان يرى أن الاستبداد قرين الجهل ، ولا يُنتج إلا التخلّف ، وأن نظام الشورى هو أصحّ أنظمة الحكم ، وهو المرادف للديموقراطية الدسـتورية كما عند الغربيين ، وعلينا أن نقلّدهم عليه . وذهب محمد عبده (1849 - 1905) إلى نفس المذهب ، وجعل الشورى من اختصاص أهل الرأى ، يستشيرهم الحاكم فيخلصون لـه الرأى ، وجعل للأقاليم وللشعب نوّابًا هم أهل الحلّ والعقد، وعملُهم صياغة القوانين فى تفصيلاتها . وكان الكواكبى (1849-1902) أشد النقاد هجومًا على النظام الاستبدادى ، ورأى فيه ظاهرة منحطة فى تاريخ الأمم ، وأن الدافع إليه عوامل فى النفس وفى تركيب المجتمعات والدولة ، والبديل عنده نظامٌ أقل استبدادًا ، يعتمد على تعيين أهل الحلّ والعقد كمراقبين لسلطة الحاكم ولمحاسبته ، وهؤلاء هم نوّاب الشعب ، على طريقة مجالس الحكماء عند الحكّام الأمويين والعباسيين .

الصفحات