أنت هنا

قراءة كتاب إسرائيل الحرب الدائمة - اجتياح لبنان 1982

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
إسرائيل الحرب الدائمة - اجتياح لبنان 1982

إسرائيل الحرب الدائمة - اجتياح لبنان 1982

كتاب " إسرائيل الحرب الدائمة - اجتياح لبنان 1982 " ، تأليف محمد خواجه ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2011 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1

الكتاب الوثيقة

أول رؤية لبنانية لحرب 1982

عنوان الكتاب "إسرائيل الحرب الدائمة" هو كتاب بحد ذاته لما يحمل من معانٍ عن إسرائيل كحقيقة عدوانية، تقوم وتعيش على العدوان وعلى الحرب والاستعدادات الحربية وعلى استمرارها في حالة حرب على الدوام.

هذا الكتاب "إسرائيل الحرب الدائمة" للباحث والكاتب محمد خواجه هو استخلاص لدروس الاجتياح الإسرائيلي للبنان صيف عام 1982 بكل الأبعاد السياسية لهذا الاجتياح التي شكلت المقدمات للحرب العسكرية بما تضمنته لمشاهد البطولة خلال عمليات المقاومة المتفرقة، وللنتائج الكارثية من دمار وقتل وفتك بالمدنيين، كان أبلغها مجازر صبرا وشاتيلا التي جرت تحت رعاية مجرم الحرب شارون، وشاركت فيها كثرة من الأيدي السوداء التي تلطخت بدماء الضحايا التي لا يمكن إزالتها.

الكتاب بكل محتوياته اليومية وتواريخ الأحداث والوقائع العسكرية المرتبطة بالحرب الأهلية، والحربية المرتبطة بمراحل العدوان الإسرائيلي يشكل وثيقة ضرورية تؤرخ مرحلة كان الكثيرون يريدون القفز فوقها أو نسيانها أو تناسيها، لارتباطهم بأدوار تدل على أنهم شركاء فيها وفي الارتكابات الدموية. وهم لذلك، وكذلك بسبب فشل هذه الحرب في تحقيق أبرز الأهداف التي سعت إليها وهي إجبار لبنان على توقيع وثيقة استسلام (17 أيار) أرادوا أن تنطوي هذه الصفحات التي حملت آثار الدبابات الإسرائيلية، وهي تدوس، دون أن ينتبه هؤلاء، معادلة قوة لبنان في ضعفه لتقوم على أنقاضها معادلة قوة لبنان في مقاومته، وليسقط كذلك العصر الإسرائيلي ويبدأ عصر المقاومة.

ترافقت هذه الحرب مع إعلان الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة الرئيس رونالد ريغن أن أميركا ستكون مدينة مضاءة على تل، أي المدينة الأنموذجية للعدالة الإنسانية وحقوق الإنسان.

ومع تصاعد هذه الحرب ودخولها مراحل هدفت الى إعادة إنتاج الشرق الأوسط تحولت "ولايات المُثل" الى قاعدة ارتكاز لحرب النجوم، وتحولت إسرائيل الى مستودع استراتيجي لمخزون عتاد الجيش الأميركي في الشرق.

كان لبنان بما فيه أولاً من أفكار مرتبطة بمشروع المقاومة الفلسطينية الهادف لتحرير الأرض وحق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وثانياً من تنامي قدرة قوى المقاومة الوطنية وبروزها كقوة تتوازن مع النظام وميليشياته، وتصميمها على منع التقسيم والتوطين وتحرير المنطقة الحدودية - كان لبنان- قد أصبح بالمعنى الاستراتيجي قاعدة الارتكاز الأساس لمشروع المقاومة. وكان لدخول القوات السورية لوقف الحرب الأهلية الدور الأساس في بدء ترتيب الأولويات انطلاقاً من قاعدة: من كانت إسرائيل عدوه فهي عدو كاف، وإن هذا الأمر يستدعي بالضرورة التوصل الى صيغة لإنهاء الحرب الأهلية.

كانت إسرائيل قد صممت على خوض الحرب، وكان الهدف المعلن تدمير البنية التحتية لمنظمة التحرير الفلسطينية. أما الحقيقة فقد كانت لهذه الحرب أبعاد فلسطينية وكذلك لبنانية، وأنا هنا أريد أن أبني قناعة لدى الرأي العام العربي عموماً واللبناني خصوصاً أن إسرائيل كانت تلتقط الفرصة من أجل "شطب لبنان كمنافس دائم ومستقبلي لها في نظام المنطقة على المستويات الاقتصادية والتجارية والأهلية لمنعه من لعب هذا الدور"، وكان هناك بعد عربي إضافي هو ضرب العرب على البطن الرخو الذي يمثله لبنان من أجل أن تضغط الارتدادات اللبنانية المؤلمة على العرب عموماً وخصوصاً على سورية، وهو الأمر الذي اتضح من استهداف القوات السورية في مختلف المناطق اللبنانية خصوصاً على امتداد الخط من حمص الى القاع الى بعلبك ودير زنون والبقاع الغربي حتى السلطان إبراهيم.

والبعد الواقعي لهذه الحرب كذلك كان إعادة إنتاج نظام سياسي موال في لبنان تحميه معاهدة صلح مع إسرائيل، وبمعنى أوضح إعادة ترسيم لبنان وفق المنظور الأمني الإسرائيلي، وبما يتوافق مع انقلاب بعضهم على التاريخ والجغرافيا.

طبعاً مع التقدير لأعمال المقاومة كافةً في القطاع الأوسط وعين الحلوة والبقاع الغربي وصولاً الى السلطان يعقوب، إلا أننا يجب أن ننظر بكثير من التقدير الى معركة خلدة بوصفها تتجاوز كونها معركة مواجهة وصدمة ونار لقوة مؤللة مدرعة معادية على أبواب بيروت، الى أول عمل مقاوم لبناني خالص استعداداً لرحلة ما بعد انتهاء الزخم العسكري للاجتياح الإسرائيلي.

في خلدة مدينة الزهراء، كانت "أمل" تحرس مكانها حيث لا يزال ظل الإمام القائد السيد موسى الصدر مقيماً منذ أن غادر الى ليبيا في دعوة رسمية ولم يعد واستمر مغيباً منذ ثلاثة وثلاثين عاماً.

كان بضعة عشر مقاتلاً من حركة أمل يقيمون متحصنين في المكان، أما على التلال المقابلة فقد أقامت الوحدات الخاصة السورية وكذلك مجموعات مقاتلة تابعة لجيش التحرير الفلسطيني.

كان الجميع يقبضون على سلاحهم بانتظار اللحظة المناسبة.

أترك هنا للمير طلال إرسلان رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني أن يروي ما شاهده بأم العين.

قال: أمام أجسام المركبات المدرعة والدبابات العملاقة لم أصدق عيني وأنا أرى المقاتل تلو الآخر يتقدمون مكشوفين ويركعون على ركبتهم اليمنى وعلى كتفهم قاذف الـ آر بي جي ويطلقون قذائفهم على آليات العدو.

لقد تمكن المير طلال أن يكون من نوافذ منزل والده المرحوم المير مجيد شاهداً على إمكانية الدفاع عن لبنان، وأن يرى كيف تواجه العين المخرز والدمعة الفأس.

في هذه المعركة قتل نائب رئيس الأركان الإسرائيلي يوكتئيل آدم مع عدد من جنرالات هذا الجيش.

في الواقع إستكمل العدو حصار بيروت وقضمها بالنار وعمل على تدمير أطرافها بشكل ممنهج وصولاً الى إسقاطها، وكانت ثاني عاصمة عربية بعد القدس تسقط تحت الاحتلال ولكن...

ولكن بيروت كانت جمرة تحت رماد أنقاضها، وأطلقت بيد أحد مقاوميها خالد علوان رصاصتها المقاومة على جنود العدو في وضح النهار وفي قلب شارع الحمرا.

في كل الحالات، وفي خلاصات الحرب فإن أهدافها لم تتحقق وإن كانت فلسطينياً تمكنت من ترحيل أعداد كبيرة من مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية بحراً الى غير جغرافية عربية، وربما كانت السبب في استمرار تراجع العقل الفلسطيني من أوسلو الى مملكة الرماد الى المفاوضات المباشرة اليوم.

على المستوى اللبناني نعود الى القول أن المقاومة التي اشتعلت على خلفية الاجتياح الإسرائيلي وردّت العدو في أول إندحار الى الأولي مهدت الطريق أمام انتفاضة السادس من شباط 1984، وهذه الانتفاضة أسقطت معاهدة الذل المعروفة باسم إتفاقية 17 أيار وشكلت مقدمة للجمهورية الثانية ولمشاركة الجميع في كل ما يصنع حياة الدولة والمجتمع.

بالعودة الى الكتاب وفصوله، أعترف وأنا أقع داخل بيروت المحاصرة أن كل الأخبار التي كنت ألتقطها أو أتسقطها لم تكن كافية لأعرف التفاصيل الدقيقة لصورة الحركة العسكرية الإسرائيلية المعادية على أرض الوطن.

أقول أنا لست خبيراً بحركة الجيوش لكني خبير بالمقاومة ومشروعها وصورة حركتها وضرورتها كنتيجة طبيعية للعدوان والاحتلال، وإنني كنت أحتاج الى مصدر موثوق وموثَّق للحرب على لبنان عام 1982، فكان هذا الكتاب الذي جمعه عضو المكتب السياسي لحركة أمل الباحث والكاتب محمد خواجه كلمة كلمة وبين الطلقة والطلقة.

إنني باسم شهداء حركة أمل الذين سقطوا أثناء مراحل ذلك العدوان وكل عدوان، أوجه التحية الى هذا الجهد التاريخي، داعياً كل اللبنانيين وكل العرب الى قراءته وأخذ الدروس والعبر كي لا تتكرر أخطاء التواطؤ على الذات وعلى الوطن، وأخطاء سوء التقدير، وكذلك من أجل بناء الثقة بالنفس وبالوطن وبالوحدة الوطنية وبالمقاومة وبالجيش، ودائماً بالشعب، تلك العناصر التي تشكل المكونات الرادعة لكل عدوان.

الصفحات